____________________
لفرط حسنه كقوله تعالى - وقولوا للناس حسنا - وقرئ حسنا وإحسانا، ويجوز أن تجعل حسنا من باب قولك زيدا بإضمار اضرب إذا رأيته متهيئا للضرب فتنصبه بإضمار أولهما أو افعل بهما لأن التوصية بهما دالة عليه وما بعده مطابق له كأنه قال: قلنا أولهما معروفا، و (لا تطعهما) في الشرك إذا حملاك عليه، وعلى هذا التفسير إن وقف على بوالديه وابتدأ حسنا حسن الوقف. وعلى التفسير الأول لابد من إضمار القول. معناه: وقلنا إن جاهداك أيها الإنسان (ما ليس لك به علم) أي لا علم لك بإلهيته، والمراد بنفي العلم نفى المعلوم كأنه قال: لتشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها ولا يستقيم. وصاه بوالديه وأمره بالإحسان إليهما ثم نبه بنهيه عن طاعتهما إذا أراداه على ما ذكر على أن كل حق وإن عظم ساقط إذا جاء حق الله وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ثم قال: إلى مرجع من آمن منكم ومن أشرك فأجازيكم حق جزائكم. وفيه شيئان أحدهما: أن الجزاء إلى فلا تحدث نفسك بجفوة والديك وعقوقهما لشركهما ولا تحرمهما برك ومعروفك في الدنيا كما أنى لا أمنعهما رزقي. والثاني التحذير من متابعتهما على الشرك والحث على الثبات والاستقامة في الدين بذكر المرجع والوعيد. روى أن سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله عنه حين أسلم قالت أمه وهى حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس: يا سعد بلغني أنك قد صبأت، فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح، وإن الطعام والشراب على حرام حتى تكفر بمحمد، وكان أحب ولدها إليها، فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك، فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه، فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالإحسان.
وروى أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة، فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة امرأة من بنى تميم من بنى حنظلة، فنزلا بعياش وقالا له: إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك وهى أشد حبا لك منا، فاخرج معنا وفتلا منه في الذروة والغارب، فاستشار عمر رضي الله عنه فقال: هما يخدعانك ولك على أن أقسم مالي بيني وبينك، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر، فقال له عمر: أما إذ عصيتني فخذ ناقتي فليس في الدنيا بعير يلحقها، فإن رابك منهما ريب فارجع، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل: إن ناقتي قد كلت فاحملني معك، قال نعم، فنزل ليوطئ لنفسه وله، فأخذاه وشداه وثاقا وجلده كل واحد منهما مائة جلدة وذهبا به إلى أمه. فقالت: لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد، فنزلت (في الصالحين) في جملتهم والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمنى أنبياء الله، قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام - وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين - وقال في إبراهيم عليه السلام - وإنه في الآخرة لمن الصالحين - أو في مدخل الصالحين وهى الجنة وهذا نحو قوله تعالى - ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم - الآية. هم ناس كانوا بألسنتهم فإذا مسهم أذى من الكفار وهو المراد بفتنة الناس كان ذلك صارفا لهم عن الإيمان، كما أن عذاب الله صارف للمؤمنين عن الكفر، أو كما يجب أن يكون عذاب الله صارفا. وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا (إنا كنا معكم) أي مشايعين لكم في دينكم ثابتين عليه ثباتكم ما قدر
وروى أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة، فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة امرأة من بنى تميم من بنى حنظلة، فنزلا بعياش وقالا له: إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك وهى أشد حبا لك منا، فاخرج معنا وفتلا منه في الذروة والغارب، فاستشار عمر رضي الله عنه فقال: هما يخدعانك ولك على أن أقسم مالي بيني وبينك، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر، فقال له عمر: أما إذ عصيتني فخذ ناقتي فليس في الدنيا بعير يلحقها، فإن رابك منهما ريب فارجع، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل: إن ناقتي قد كلت فاحملني معك، قال نعم، فنزل ليوطئ لنفسه وله، فأخذاه وشداه وثاقا وجلده كل واحد منهما مائة جلدة وذهبا به إلى أمه. فقالت: لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد، فنزلت (في الصالحين) في جملتهم والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمنى أنبياء الله، قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام - وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين - وقال في إبراهيم عليه السلام - وإنه في الآخرة لمن الصالحين - أو في مدخل الصالحين وهى الجنة وهذا نحو قوله تعالى - ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم - الآية. هم ناس كانوا بألسنتهم فإذا مسهم أذى من الكفار وهو المراد بفتنة الناس كان ذلك صارفا لهم عن الإيمان، كما أن عذاب الله صارف للمؤمنين عن الكفر، أو كما يجب أن يكون عذاب الله صارفا. وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا (إنا كنا معكم) أي مشايعين لكم في دينكم ثابتين عليه ثباتكم ما قدر