____________________
أحد أن يفتننا فأعطونا نصيبنا من المغنم. ثم أخبر سبحانه أنه أعلم (بما في صدور العالمين) من العالمين بما في صدورهم، ومن ذلك ما تكن صدور هؤلاء من النفاق، وهذا اطلاع منه للمؤمنين على ما أبطنوه. ثم وعد المؤمنين وأوعد المنافقين، وقرئ ليقولن بفتح اللام. أمروهم باتباع سبيلهم وهى طريقتهم التي كانوا عليها في دينهم وأمروا أنفسهم بحمل خطاياهم فعطف الأمر على الأمر، وأرادوا ليجتمع هذان الأمران في الحصول أن تتبعوا سبلنا وأن نحمل خطاياكم، والمعنى تعليق الحمل بالاتباع، وهذا قول صناديد قريش، كانوا يقولون لمن آمن منهم: لا نبعث نحن ولا أنتم فإن عسى كان ذلك فإنا نتحمل عنكم الإثم، وترى في المتسمين بالإسلام من يستن بأولئك فيقول لصاحبه إذا أراد أن يشجعه على ارتكاب بعض العظائم: افعل هذا وإثمه في عنقه، وكم من مغرور بمثل هذا الضمان من ضعفه العامة وجهلتهم. ومنه ما يحكى أن أبا جعفر المنصور رفع إليه بعض أهل الحشو حوائجه، فلما قضاها قال: يا أمير المؤمنين بقيت الحاجة العظمى، قال: وما هي؟ قال: شفاعتك يوم القيامة، فقال له عمرو بن عبيد رحمه الله: إياك وهؤلاء فإنهم قطاع الطريق في المأمن. فإن قلت: كيف سماهم كاذبين وإنما ضمنوا شيئا علم الله أنهم لا يقدرون على الوفاء به، وضامن ما لا يعلم اقتداره على الوفاء به لا يسمى كاذبا لا حين ضمن ولا حين عجز، لأنه في الحالين لا يدخل تحت حد الكاذب وهو المخبر عن الشئ لا على ما هو عليه؟