الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٧٩
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض
____________________
هونقيض صدقه، أو من كذب الذي هو مبالغة في كذب، كما بولغ في صدق فقيل صدق، ونظيرهما بان الشئ وبين وقلص الثوب وقلص، أو بمعنى الكثرة كقولهم موتت البهائم وبركت الإبل، أو من قولهم كذب الوحشي: إذا جرى شوطا ثم وقف لينظر ما وراء، لأن المنافق متوقف متردد في أمره ولذلك قيل له مذبذب.
وقال عليه الصلاة والسلام " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة " (وإذا قيل لهم) معطوف على يكذبون، ويجوز أن يعطف على يقول آمنا، لأنك لو قلت ومن الناس من إذا قيل لهم لا تفسدوا كان صحيحا، والأول أوجه. والفساد: خروج الشئ عن حال استقامته وكونه منتفعا به، ونقيضه الصلاح وهو الحصول على الحالة المستقيمة النافعة، والفساد في الأرض هيج الحروب والفتن لأن في ذلك فسادا ما في الأرض وانتفاء الاستقامة عن أحوال الناس والزروع والمنافع الدينية والدنيوية، قال الله تعالى - وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل - أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء - ومنه قيل لحرب كانت بين طيئ حرب الفساد، وكان فساد المنافقين في الأرض أنهم كانوا يماثلون الكفار ويمالئونهم على المسلمين بإفشاء
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 177 178 179 180 181 182 184 186 ... » »»