ما يختلف آخره كافا وهاء وياء. وذهب الأخفش وجمهور المحققين إلى أن إيا ضمير منفصل، واللواحق التي تلحقه حروف تدل على أحوال المرجوع إليه. قال الشيخ ابن الحاجب: والدليل على ذلك أنها ألفاظ اتصلت بما لفظه واحد ويتعين بها ما يرجع إليه. فوجب أن تكون حروفا كاللواحق بأن في أنت أنتما أنتم فإنها حروف مبينة لأحوال المرجوع إليه فجعلها مقيسا عليها في انتفاء الإعراب المحلى، ولم يعتد بما نقل عن مذهب الفراء بأن الضمير هو أنت بكماله، ولا بما قاله بعضهم من أن اللواحق هي الضمائر التي كانت موضوعة متصلة وأن دعامة لها دعمت حين أريد انفصالها لتستقل لفظا (قوله كما لا محل للكاف) الكاف أخواتها في أرأيتك أرأيتكما أرأيتكم بمعنى طلب الإخبار حروف إجماعا تدل على أحوال المخاطب ويتعين بها ما أريد بالتاء، فكانت أولى بجعلها مقيسا عليها في انتفاء الإعراب محلا من اللواحق بأن. قال المصنف: لما كانت مشاهدة الأشياء ورؤيتها طريقا إلى الإحاطة بها علما وصحة الخبر عنها استعملوا أرأيت بمعنى أخبر، وهذا يدل على أنها من رؤية البصر، وذكر في سورة القلم ما يدل على أنها من رؤية القلب، وأياما كأن فالاستفهام مستعمل في معنى الأمر (قوله فإياه وإيا الشواب) بالغ في التحذير وأدخل إيا على الشواب لأنه يوهم أن كلا منهما يحذر من الآخر: أي عليه أن يقي نفسه عن التعرض للشواب ويقيهن عن التعرض له وعليهن مثل ذلك. وإنما قال فشئ شاذ ولم يقل فشاذ زيادة استحقار له واستضعاف مبالغة في أنه لا معول عليه أصلا، ولا يستدل به على أنه مظهر مضاف إلى المضمرات، ولا على أنه مضمر مضاف إلى ما بعده كما مر من مذهبي الزجاج والخليل (قوله كقوله تعالى: قل أفغير الله) قيل الهمزة في الآيتين للإنكار، فلو أفاد التقديم الاختصاص لدلت الأولى على إنكار اختصاص غير الله بالعبادة والأمر بها، والثانية على إنكار اختصاص غيره باتخاذه ربا، فلا يفهم منهما إنكار الشركة بل جوازها، لأن الإنكار في حكم النفي يتوجه إلى القيد ويفيد ثبوت أصل الحكم، فإذا دخل على الأمر بعبادة الغير مقيدة بالاختصاص دل على أن المنكر قيد الاختصاص دون أصل العبادة والأمر بها. وأجيب بأن ذلك إنما يلزم إذا اعتبر التقديم أولا ودخول الهمزة ثانيا ليكون الإنكار واردا على الاختصاص، وأما إذا عكس كان الاختصاص واردا على الإنكار وأفاد الكلام أن إنكار العبادة والأمر بها مخصوص بغيره تعالى وقد تعين هذا المعنى بقرينة المقام. أولا يرى أن قوله تعالى - لو يطيعكم - محمول على استمرار الامتناع لا على امتناع الاستمرار كما صرح به في المفتاح، وأن قوله - وما هم بمؤمنين - يفيد تأكيد النفي لانفى التأكيد، وأن قولك: ما أنا قلت هذا، يدل على معنى لم أقله وقاله غيره، لا على معنى لم أقله وحده بل قلته أنا وغيري، الضابط أن النفي وما في حكمه إذا كان مع قيد في الكلام يجعل تارة قيدا للمنفى فيرد النفي على المقيد ويتبادر منه عرفا انتفاء القيد وثبوت أصله، وأخرى قيدا للنفي ويتعين كل واحد من الاعتبارين بقرينة تشهد له
(٦١)