السماء، وفساده ظاهر بما قررناه (قوله كقولك أنفقت من الدراهم ألفا) هذا إذا أردت به ألفا هو الدراهم، ويحتمل التبعيض أيضا (قوله فيم انتصب رزقا) بنى تفريعه على احتمال كلمة من للتبعيض والبيان (قوله كان انتصابه بأنه مفعول له) وذلك لأن من الثمرات على تقدير التبعيض مفعول به لا على أن من اسم بمعنى بعض كما قيل، بل على أن تقديره شيئا من الثمرات. وما يقال من أن معناه فأخرج بعض الثمرات فهو حاصل المعنى، وحينئذ يكون (رزقا) بمعناه المصدري مفعولا له (ولكم) ظرفا لغوا مفعولا به لرزقا: أي أخرج بعض الثمرات لأجل أن يرزقكم، وذكر في سورة إبراهيم أنه يجوز أن يكون من الثمرات مفعول أخرج، ورزقا حالا من المفعول: أي مرزوقا أو نصبا على المصدر من أخرج، لأنه في معنى رزق، ففي التبعيض وجوه ثلاثة، والأظهر ما ذكره ههنا، إذ لا حاجة به إلى تأويل (قوله وإن كانت مبينة كان) أي رزقا (مفعولا لأخرج) على أن المراد به العين، ويكون لكم ظرفا مستقرا صفة له، ومن الثمرات بيانا له مقدم عليه فصار حالا منه، أي أخرج مرزوقا لكم هو الثمرات (قوله فالثمر المخرج بماء السماء كثير جم) هذا توجيه للسؤال على تقدير البيان، ويعلم منه وروده على التبعيض أيضا بطريق الأولى، فإن المخرج بماء السماء إذا كان كثيرا جدا كان ما هو بعض منه كثيرا قطعا. والجواب من وجهين:
الأول أن الثمرات ههنا جمع للثمرة التي يراد بها الكثرة كالثمار لا الواحدة فيكون أبلغ، ولا أقل من المساواة. الثاني أنها جمع قلة وقعت موقع جمع الكثرة كجنات في قوله تعالى - كم تركوا من جنات وعيون - وقد يقع أيضا جمع الكثرة موضع جمع القلة كما في ثلاثة قروء، يقال تعاوروا الشئ إذا تداولوه. والمشهور أن الفرق بين الجمعين في القلة والكثرة إنما هو إذا كانا منكرين، وأما إذا عرفا بلام الجنس في مقام المبالغة فكل منهما للاستغراق بلا فرق (والحويدرة) تصغير الحادرة تعظيما وتهويلا فكلمته قصيدته المشهورة التي مستهلها:
بكرت سمية غدوة فتمتع * وغدت غدو مفارق لم يربع وإنما سميت بالكلمة لشدة ارتباط بعضها ببعض كأجزاء الكلمة الواحدة، وقوله فتمتع تهكم: أي اجزع غاية