المسورة لا سورة تشبيها لها بحائطها كما ذكره. وأجيب بأن السورة أطلقت على ذي السورة كما أطلق الحائط على المحوط، ثم نقل عنه إلى الطائفة المذكورة من القرآن، فههنا نقل مترتب على مجاز، وفى الوجه الثاني نقل فقط، وقد يقال في الأول أيضا نقل من المعنى الحقيقي الذي هو الحائط، إلا أنه لوحظ فيه: أولا التشبيه في المحاط، فنزل الآيات والجمل التي هي من أجزاء السورة منزلة المحلات والبيوت في البلد، ولولا هذا التنزيل لم يصح هذا التشبيه. وفى الثاني لوحظ التشبيه أولا في المحيط وهو ظاهر. ورد بأنه مخالف لما في تقرير الكتاب لأن المعتبر فيه كون السورة محاطة: أي محدودة محوزة لا كونها محيطة بأجزائها، بل ما ذكرتم هو بعينه الوجه الثاني، إلا أنه أبدل فيه فنون العلم وأجناس الفوائد بالآيات والجمل (وحراب) في النسخ المعول عليها بالراء المهملة وفى بعضها بالزاي (وقد) بالدال المهملة وقد تظن بالمعجمة وهما رجلان من بنى أسد (ليس غرابها بمطار) أي هي مجد كامل ثابت، يقال أرض لا يطير غرابها: أي مخصبة كثيرة الثمار. وقيل كناية عن رفعة الشأن: أي لا يصل إليها الغراب حتى يطار: أي لا غراب هناك ولا إطارة، أولا تصل الإشارة إلى غرابها حتى يطار مع أنه يطير بأدنى ريبة.
ثم إن الرتبة إن جعلت حسية فلأن السور كمنازل يترقى فيها القارئ، ويقف عند بعضها أو لأنها في أنفسها منازل منفصل بعضها من بعض متفاوتة في الطول والقصر والتوسط، وإن جعلت معنوية فلتفاوت رفعة شأنها وجلالة محلها في الدين كل واحدة منها رتبة من تلك الرتب (قوله وإن جعلت واوها منقلبة عن الهمزة) فيه ضعف من حيث اللفظ، إذ لم تستعمل مهموزة في السبعة ولا في الشاذة المنقولة في كتاب مشهور، وإن أشعر به كلام الأزهري حيث قال: وأكثر القراء على ترك الهمزة في لفظ السورة، ومن حيث المعنى أيضا لأنها اسم ينبئ عن قلة وحقارة.
وأيضا استعماله فيما فضل بعد ذهاب الأكثر، ولا ذهاب ههنا إلا تقديرا باعتبار النظر إليها نفسها، قيل فهذه ستة أوجه فتأمل (قوله واشتمل) أي الجنس على أصناف مندرجة تحت أنواعه المنطوية فيه (قوله بيانا واحدا) أي شيئا واحدا بلا فصل وتمييز، وفى حديث عمر رضي الله عنه " لئن عشت إلى قابل لألحقن آخر الناس بأولهم حتى يكونوا بيانا واحدا " وكأن هذه الكلمة يمانية على وزن فعلان أو فعال، والضميران في كان ومنه راجعان إلى حال القارئ: أي كان حاله على هذا وهو الختم، ثم الأخذ أكثر تنشيطا له منه: أي من حاله لو استمر.