(وأنتم من أهل العلم والمعرفة) ثم قال (أي أنتم العرافون) (قوله ويجوز أن يقدر) أي يجوز أن يحمل على حذف المفعول لوجود القرينة المقالية أو الحالية فيكون حينئذ مقدرا لا متروكا، ولمالم يكن تقديره على الوجه الثالث ظاهرا استشهد له بقوله (هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ) (قوله لما احتج) جوابه عطف أي أثبت الوحدانية وأبطل الشرك (وعلم الطريق إلى إثبات ذلك) وهو النظر فيما يدل عليه من الأنفس والآفاق: أعني خلقهم وخلق الأرض والسماء وما بينهما (وعرفهم أن الإشراك مكابرة) ودفع لمقتضى العقل والمعرفة بقوله وأنتم تعلمون على الوجه الأول وعلى سائر الوجوه أيضا، يقال كابر عقله: أي غالبه بالكبر وخالف مقتضاه عناد (قوله وغطى) أي ألقى الغطاء عليه وأصله غطاه، والعائد إلى الموصول محذوف: أي ما أنعم به عليه أو مستتر بحذف الجار واتصال الفعل، وقد سلك المصنف في تقرير بيان النبوة ما سلكه من التفصيل في تقرير بيان الوحدانية فما هو الحجة في إثبات نبوته عليه الصلاة والسلام هو القرآن (وما يدحض الشبهة) فيه عجزهم عن الإتيان بما يوازى أقصر سورة منه (وأراهم كيفية التعرف) إظهارا لطريق النظر في كون القرآن معجزا نازلا من عند الله، وقوله (بإرشادهم) متعلق بأراهم، و (قوله يحزروا) أي يقدروا من حزره قدره (قوله ويذوقوا) أي يجربوا من ذاقه جربه (قوله وأهل جلدته) أي كلهم من جلدة واحدة: أي هم قوم واحد (وهو من محازه) جمع محز من الحز بمعنى القطع، فاللفظ أو المعنى إذا ورد في موضعه اللائق به يشبه بالسيف المستعمل في المفصل. ويقال أصاب المحز: أي هذا المقام من المواضع التي تناسب اعتبار التدريج في النزول، واستعمال لفظ التنزيل لمكان التحدي، وذلك أنهم كانوا يطعنون في القرآن ويرتابون فيه من حيث أنه كان مدرجا على قانون الخطابة والشعر ويقولون: لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة، فقيل لهم: إن ارتبتم في هذا الذي نزل تدريجا فهاتوا أنتم بنجم من نجومه وسورة من سوره فإنه أيسر عليكم من أن تنزل الجملة دفعة واحدة، ويتحدى بمجموعه فقد جعل ما اتخذوه ريبة فادحة وسيلة إلى كونه حقا لا يحوم حول حماه شك تقوية للتحدى ودفعا لما في صدورهم من الشبهة
(٢٣٨)