في انحصار ما يقتضى تقدير ذوي في طلب الضمير ما يرجع إليه وهو مردود بأن ذلك الحصر إنما هو بالقياس إلى التشبيه كما يدل عليه تعليله، وكأنه قال: لا يقتضيه التشبيه بل الضمير فلا ينافي أن يكون هناك مقتض اخر، والمستتر في قوله (ما يرجع) عائد إلى الراجع، والهمزة وأم في (أولى أم لم يل) للتسوية أي ليس بضار على وجود الولي وعدمه، أو المعنى: إن ولى أو لم يل فلا على وقد سبق تحقيقه (في هذا) أي في أن ما يلي الكاف ليس مشبها به، وإنما كان بينا في هذا المعنى لأن تشبيه الناس بالديار مما لا يصح أصلا، بخلاف تشبيه الحياة بالماء وأيضا ربما يقدر مضاف: أي كمثل ماء بقرينة ذكره في المشبه، شبه لبيد حال الناس في وجودهم في الدنيا وسرعة زوالهم ورحيلهم عنها بحال أهل الديار في الحلول وسرعة الارتحال، فهي يوم حلولهم عامرة وبالغد خالية بائرة (وأهلها) مبتدأ خبره (بها) و (يوم حلوها) ظرف لهذا الخبر و (بلاقع) خبر مبتدأ محذوف: أي وهى بلاقع (غدوا) أي غدا، والجملتان معا حال من الديار، والعامل فيها معنى التشبيه: أي يشبهون الديار حال كونها كذا وكذا (قوله أوفى أصلها) دل كلامه على أن أو موضوعة في أصلها للتساوى في الشك، فلذلك اشتهرت بأنها كلمة الشك فتكون مخصوصة بالخبر (ثم استعيرت للتساوى في غير الشك) فاستعملت في غير الخبر بالمعنى المجازى فقط كالتساوى في استصواب المجالسة ووجوب العصيان وغيرهما، وفى الخبر بكلا المعنيين: أعني الحقيقي الذي هو الشك والمجازى كالتساوى في الاستقلال يوجه التمثيل في هذه الآية فيستفاد صحة التشبيه بكل واحدة من هاتين القصتين وبهما معا، ولو عطف بالواو ربما أوهم صحة التشبيه بمجموعهما لا بكل واحدة منهما. وذكر في المفصل أن كلمة أو لأحد الأمرين مطلقا، ولا شك أن هذا معنى يعم مواردها من الإنشاءات والإخبارات كلها، وأما الشك والتشكيك والإبهام والتخيير والإباحة فليس شئ منها داخلا في مفهومها بل مستفاد من مواقعها في الكلام، وما اختاره في الكشاف مبنى على تبادر الشك منها في الخبر، وإنما قال (في وجوب عصيانهما) بناء على أن النهى عن الإطاعة ماله الأمر بالعصيان، فيكون المفعول متعلقا بالنفي كأنه قيل: اعص هذا أو ذاك فإنهما يتساويان
(٢١٣)