أحدهما - الابتداء، والخبر (ما الحاقة) كأنه قال: الحاقة أي شئ هي.
الثاني - أن يكون خبر ابتداء محذوف، كأنه قيل هذه الحاقة، ثم قيل أي شئ الحاقة، تفخيما لشأنها، وتقديره هذه سورة الحاقة وقوله (ما أدراك ما الحاقة) قال سفيان: يقال للمعلوم ما أدراك، ولما ليس بمعلوم: وما يدريك في جميع القرآن.
وإنما قال لمن يعلمها: ما أدراك لأنه إنما يعلمها بالصفة، فعلى ذلك قال تفخيما لشأنها أي كأنك لست تعلمها إذا لم تعاينها وترى ما فيها من الأهوال.
وقوله (كذبت ثمود وعاد بالقارعة) اخبار من الله تعالى أن ثمود - وهم قوم صالح - وعادا - وهم قوم هود - كذبوا بيوم القيامة فأنكروا البعث والنشور والثواب والعقاب. قال ابن عباس وقتادة: القارعة اسم من أسماء القيامة، وسميت القارعة، لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة إلى أن يصير المؤمنون إلى الامن. وإنما حسن أن يوضع القارعة موضع الكنية لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها الحاقة، وإلا كان يكفي ان يقول: كذبت ثمود وعاد بها. وقوله الحاقة، والطامة (1) والصاخة (2)، أسماء يوم القيامة. والوقف على الحاقة حسن وأتم منه (ما الحاقة) و (ما أدراك) كل ما في القرآن بلفظ الماضي، فقد أدراه صلى الله عليه وآله، وما كان بلفظ يدريه، فلم يعلمه، يقال: دريت الشئ دراية أي علمته، ودريت الصيد أي ختلته ودرأته دفعته.
ثم اخبر تعالى عن كيفية إهلاكهم، فقال (فاما ثمود فأهلكوا بالطاغية) فالطاغية مصدر مثل العاقبة، والمعنى فأهلكوا بطغيانهم - في قول أبي عبيدة - وقيل:
معناه أهلكوا بالخصلة المتجاوزة لحال غيرها في الشدة، أهلك الله تعالى بها أهل الفساد. وقد مضى فيما تقدم أن الله أهلك ثمود بالصيحة العظيمة التي أصبحوا بها