قيل: ليس يمنع أن يكون الله أخبره بأن ذلك سيكون فيما بعد ليبشره به ويسليه عما هو عليه فجاء بلفظ الماضي وأراد الاستقبال، كما قال (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) (1) وكما قال (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك) (2) والوزر الثفل في اللغة، ومنه اشتق اسم الوزير لتحمله أثقال الملك. وإنما سميت الذنوب أوزارا لما فيها من العقاب العظيم.
وقوله (الذي انقض ظهرك) نعت الوزر، ووصفه بأنه انقض ظهره بمعنى أثقله، والانقاض الأثقال الذي ينتقض به ما حمل عليه. أنقض ينقض إنقاضا والنقض والهدم واحد، ونقض المذهب إبطاله بما يفسده. وقال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد: معنى انقض أثقل، وبعير نقض سفر إذا أثقله السفر.
وقوله (ورفعنا لك ذكرك) قال الحسن ومجاهد وقتادة: معناه إني لا اذكر إلا ذكرت معي يعني ب (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله).
وقوله (فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) يدل على أن التأويل في قوله (ووضعنا عنك وزرك) ما قلناه، لان الله بشره أنه يكون مع العسر يسرا وروي عن ابن عباس أنه قال: لن يغلب عسر واحد يسرين، لأنه حمل العسر في الآيتين على أنه واحد لكونها بالألف واللام، واليسر منكر في تثنية الفائدة، والثاني غير الأول، والعسر صعوبة الامر وشدته، واليسر سهولته.
ثم قال له (فإذا فرغت فانصب) قال ابن عباس: معناه فإذا فرغت من فرضك فانصب إلى ما رغبك الله فيه من العمل. وقال قتادة: معناه فإذا فرغت من صلاتك فانصب إلى ربك في الدعاء. وقال مجاهد: معناه فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب إلى عبادة ربك. ومعنى (فانصب) ناصب يقال: ناله هم ناصب أي ذو