للاسلام) (1) وقال البلخي: كان النبي صلى الله عليه وآله ضاق صدره بمغاضبة الجن والإنس له فآتاه الله من آياته ووعده ما اتسع قلبه لكل ما حمله الله وأمره به. وقال الجبائي:
شرح الله صدره بأن فعل له لطفا بسنن منه إلى ما كلفه الله وسهل عليه، وكان ذلك ثوابا على طاعاته لا يجوز فعله بالكفار. وعكسه ضيق الصدر كما قيل في قوله (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) (2) والصدر الموضع الا رفع الذي فيه القلب، ومنه أخذ صدر المجلس تشبيها بصدر الانسان.
وصدرته بكذا إذا جعلته في أول كلامك. والصدر لان الأوامر تصدر عنه.
وصادره إذا اخذ ما يصدر عنه والأصل الانصراف عن الشئ.
وقوله (ووضعنا عنك وزرك) قال الحسن: يعني بالوزر الذي كان عليه في الجاهلية قبل النبوة. وقال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد: يعني ذنبك. قالوا:
وإنما وصفت ذنوب الأنبياء بهذا الثقل مع أنها صغائر مكفرة لشدة اغتمامهم بها وتحسرهم على وقوعها مع ندمهم عليها. وهذان التأويلان لا يصحان على مذهبنا، لان الأنبياء عليهم السلام لا يفعلون شيئا من القبائح لا قبل النبوة ولا بعدها ولا صغيرة ولا كبيرة، فإذا ثبت هذا، فمعنى الآية هو أن الله تعالى لما بعث نبيه وأوحى إليه وانتشر أمره وظهر حكمه كان ما كان من كفار قومه وتتبعهم لأصحابه باذاهم له وتعرضهم إياهم ما كان يغمه ويسؤه ويضيق صدره ويثقل عليه، فأزال الله ذلك بأن أعلى كلمته وأظهر دعوته وقهر عدوه. وأنجز وعده ونصره على قومه، فكان ذلك من أعظم المنن وأجزل النعم.
فإذا قيل: السورة مكية، وكان ما ذكرتموه بعد الهجرة؟!