ما يحتاج إلى التصرف فيه عن مقدار الكفاية. وقد يكون التضييق في الرزق وفى المكان وفى الامر. و (ان كن) يعني النساء المطلقات (أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) أمر من الله تعالى بالانفاق على الحامل المطلقة سواء كانت رجعية أو مبتوتة، ولا خلاف في ذلك، وإنما يجب ان ينفق عليها بسبب ما في بطنها، وإنما تسقط نفقتها بالوضع. والحمل - بفتح الحاء - يكون على الظهر وفى البطن، ويقال للعدل - الحمل - بكسر الحاء.
وقوله (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) أمر من الله تعالى بأن الام المطلقة متى ولدت ورغبت في رضاع ولدها، كان على الأب أجرة الرضاع أجرة المثل، فان رضيت الأجنبية بشئ معلوم لأجرة الرضاع ورضيت بمثله الام كانت الام أولى، وإن لم ترض الام بذلك القدر كان للأب تسليمه إلى الأجنبية، وإن كان الولد لا يقبل إلا لبن الام أجبرت عليه. وإلا أدى إلى هلاك الولد.
والرضاع سقي المرأة من لبنها للولد. ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) يعني ان المرضعة تصير بمنزلة الام، وأمها بمنزلة الجدة وأختها خالة، وبنتها أختا وابنها أخا، وهكذا سائر المحرمات.
وقوله (وأتمروا بينكم بمعروف) فالائتمار أمر كل واحد لصاحبه بفعل من الافعال كالائتمار بالمعروف الذي يصطلحان عليه.
وقوله (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) خطاب للرجل ولزوجته المطلقة أنهما متى اختلفا في رضاع الصبي واجرته أرضعته امرأة أخرى فالتعاسر التمانع يتعذر من الامر كالتمانع بما يتعسر به رضاع الام، فمتى كان كذلك فالحكم فيه أن ترضعه امرأة أخرى ثم امر تعالى فقال (لينفق ذو سعة من سعته...) ومعناه ان كل انسان يجب عليه النفقة بحسب حاله فالغنى ينبغي ان يوسع في النفقة والفقير بحسب حاله.