التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٠١
وأعظم آثارا في الأرض بالأبنية العظيمة التي نبوها والقصور المشيدة التي شيدوها.
وقال مجاهد: بمشيهم على أرجلهم على عظم خلقهم، فلما عصوا وكفروا بالله أهلكهم الله واستأصلهم " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " معناه لم يغن عنهم ما كسبوه من الأموال والبنيان. وقيل إن (ما) بمعنى أي، وتقديره فأي شئ اغنى عنهم كسبهم؟! على وجه التهجين لفعلهم والتقريع لهم، فتكون (ما) الأولى نصبا وموضع الثانية رفعا.
ثم قال تعالى " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني لما أتى هؤلاء الكفار رسلهم الذين دعوهم إلى توحيده وإخلاص العبادة له " فرحوا بما عندهم من العلم " وفى الكلام حذف، وتقديره لما جاءتهم رسلهم بالبينات فجحدوها وأنكروا دلالتها وعد الله تعالى الرسل باهلاك أممهم ونجاة الرسل فرح الرسل بما عندهم من العلم بذلك. وقيل: إن المعنى فرحوا بما عندهم من العلم يعني الكفار بما اعتقدوا انه علم إذ قالوا: نحن اعلم منهم لن نعذب ولن نبعث، فكان ذلك جهلا واعتقدوا انه علم، فأطلق الاسم عليه بالعلم على اعتقادهم، كما قال " حجتهم داحضة " (1) وقال " ذق انك أنت العزيز الكريم " (2) يعني عند نفسك وعند قومك، فالأول قال به الجبائي، والثاني قول الحسن ومجاهد. وقيل: المعنى إن الكفار فرحوا بما عند الرسل فرح استهزاء وسخرية لا فرح سرور وغبطة وقوله " وحاق بهم " أي حل بهم " ما كانوا به يستهزؤن " أي جزاء ما كانوا به يسخرون برسلهم من الهلاك والعذاب.
ثم اخبر تعالى عنهم انهم " فلما رأوا بأسنا " بأس الله ونزول عذابه " قالوا

(1) سورة 42 الشورى آية 16 (2) سورة 44 الدخان آية 49
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست