التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٩٧
الانعام لتركبوا منها ومنها تأكلون (79) ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون) (80) خمس آيات بلا خلاف.
لما حكى الله تعالى ما يقال للكفار من قوله " ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون " حكى أيضا انه يقال لهم " ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها " أي مؤبدين فيها لا انقطاع لكونكم فيها ولا نهاية لعقابكم.
وقيل: إنما جعل لجهنم أبو أب كما جعل فيها الادراك تشبيها بما يتصور الانسان في الدنيا من المطابق والسجون والمطامير، فان ذلك أهول وأعظم في الزجر.
وقيل: لجهنم أبو أب، كما قال تعالى " لها سبعة أبو أب " (1) وقوله " فبئس مثوى المتكبرين " أي بئس مقام الذين تكبروا عن عبادة الله وتجبروا عن الانقياد له، وإنما أطلق عليه اسم بئس مع كونه حسنا لان الطبع ينفر عنه كما ينفر العقل عن القبيح بالذم عليه، فحسن لهذه العلة اطلاق اسم بئس عليه. ووصف الواحد منا بأنه متكبر اسم ذم. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " فاصبر " يا محمد على أذى قومك وتكذيبهم إياك ومعناه أثبت على الحق، فسماه صبرا للمشقة التي تلحق فيه كما تلحق بتجرع المر، ولذلك لا يوصف أهل الجنة بالصبر. وإن وصفوا بالثبات على الحق. وكان في الوصف به في الدنيا فضل، ولكن يوصفون بالحلم، لأنه مدح ليس فيه صفة نقص. وقوله (إن وعد الله حق) معناه إن ما وعد الله به المؤمنين على الصبر من الثواب في

(1) سورة 15 الحجر آية 44.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست