التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١١٢
بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام. وقوله (في يومين) قال السدي: خلق الله السماوات وسواها يوم الخميس والجمعة وسمي جمعة لأنه جمع في خلق السماوات والأرض، وإنما خلقها في يومين نظير خلق الأرض في يومين، فان قيل: قوله (خلق الأرض في يومين) وخلق الجبال والأقوات في أربعة أيام وخلق السماوات في يومين يكون ثمانية أيام، وذلك مناف لقوله (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) (1) قلنا: لا تنافي بين ذلك، لأنه خلق السماوات والأرض وخلق الجبال والأشجار والأقوات في أربعة أيام منها اليومان المتقدمان، كما يقول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ثم إلى الكوفة في خمسة عشر يوما أي في تمام هذه العدة، ويكون قوله (فقضاهن سبع سماوات في يومين) تمام ستة أيام. وهو الذي ذكره في قوله في ستة أيام. وزال الاشكال.
وقوله (وأوحى في كل سماه أمرها) قال السدي معناه جعل فيها ما اراده من ملك وغيره. وقيل معناه أوحي في كل سماء بما يصلحها " وزينا السماء الدنيا بمصابيح " روي أن الكواكب في السماء الدنيا، وهي الأقرب إلى الأرض دون ما فوقها من السماوات.
وقوله (وحفظا) منصوب على المعنى وتقديره جعلناها زينة وحفظا أي وجعلناها حفظا من استراق الشياطين السمع بالكواكب التي جعلت فيها. وقيل:
حفظا من أن تسقط على الأرض (ذلك تقدير العزيز العليم) يعني القادر الذي لا يغالب العليم بجميع الأشياء لا يخفى عليه شئ منها.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (فان أعرضوا) يعني ان عدل الكفار عن الفكر في ما ذكرنا والتدبر لما بينا وأبوا إلا الشرك والجحود (فقل) لهم مخوفا لهم (أنذرتكم

(1) سورة 7 الأعراف آية 53 وسورة 10 يونس آية 3
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست