التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨١
لأنه يمكن فيه ذلك من غيره، ولا يمكن من نفسه، لان الحق يدعو إلى نفسه ولا يصرف عنها إلى خلافه.
وقوله ((قتل الخراصون) معناه لعن الكذابون، ومثله (قتل الانسان ما أكفره) (1) والخراص الكذاب. وأصله الخرص وهو القطع من قولهم: خرص فلان كلامه واخترصه إذا افتراه، لأنه اقتطعه من غير أصل. والخرص جريد يشقق ويتخذ منه الحصر قال الشاعر:
ترى قصد المران فيهم كأنه * تذرع خرصان بأيدي شواطب (2) والخرص حلقة القرط المنقطعة عن ملاصقة الاذن، والخريص الخليج من من البحر، والخرص الخرز من العدد والكيل، ومنه خارص النخل، وهو خارزه وجمعه خراص. وقوله (الذين هم في غمرة ساهون) صفة للخراصين وموضعه رفع وتقديره في غمرة ساهون عن الحق كقوله (طبع الله على قلوبهم) (3) والغمرة المرة من علو الشئ على ما هو فائض فيه، غمره الماء يغمره غمرا وغمرة، فهو غامر له، والانسان مغمور، ويقال: غمره الشغل وغمره الموت وغمره الحياء وغمره الجهل وأصل الغمرة من الغمر وهو السيد الكثير العطاء، لأنه يغمر بعطائه، والغمر الفرس الكثير الجري، لأنه يغمر بحرية، والغمر الذي لم يجرب الأمور والغمر الحقد والغمرة رائحة الزهومة في اليد، وغمار الناس مجتمعهم، وغمرة المرأة ما تطلى به من الطيب وغيره مما يحسن اللون. والغمر القدح الصغير، والغمر النبت الصغار، لأنه تغمره الكبار والمعنى ان هؤلاء الكفار لجهلهم بما يجب عليهم معرفته ساهون عما يلزمهم العلم به أي غافلون عن الحق متعامون عنه (يسألون أيان يوم الدين) يعني يسأل

(1) سورة 80 عبس آية 7 (2) مر في 4 / 269 مع اختلاف يسير (3) سورة 9 التوبة آية 94 وسورة 16 النحل آية 108 وسورة 47 محمد آية 16
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست