التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٥
من بحيرة ولا سائبة) * (1) وكما قال * (وجعلوا لله شركاء الجن) * (2) وإنما قال ذلك، وأراد انهم حكموا بذلك، وسموه. والجعل على أربعة أقسام:
أحدها - بمعنى الاحداث، كقوله * (وجعلنا الليل والنهار آيتين) * (3) وقوله * (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) * (4) الثاني - بمعنى قلبه من حال إلى حال كجعل النطفة علقة إلى أن تصير انسانا الثالث - بمعنى الحكم انه على صفة، كما قال إنه جعل رؤساء الضلالة يدعون إلى النار أي حكم بذلك.
الرابع - بمعنى اعتقد انه على حال كقولهم جعل فلان فلانا راكبا إذا اعتقد فيه ذلك. والامام هو المقدح للاتباع يقتدون به، فرؤساء الضلالة قدموا في المنزلة لاتباعهم فيما يدعون إليه من المغالبة. وإنما دعوهم إلى فعل ما يؤدي بهم إلى النار، فكان ذلك كالدعاء إلى النار. والداعي هو الطالب من غيره ان يفعل إما بالقول أو ما يقوم مقامه، فداعي العقل بالاظهار الذي يقوم مقام القول. وكذلك ظهور الإرادة يدعو إلى المراد.
وقوله * (ويوم القيامة لا ينصرون) * معناه: إنهم كانوا يتناصرون في الدنيا، وهم لا ينصرون في الآخرة بنصر بعضهم لبعض، ولا غيره ولا أحد ينصرهم.
وقوله * (واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) * معناه ألحقنا بهم في هذه الدنيا لعنة بأن لعناهم وأبعدناهم من رحمتنا. وقال أبو عبيدة معناه ألزمناهم بأن أمرنا بلعنهم، قوما بعد قوم * (ويوم القيامة هم من المقبوحين) * مع اللعنة.

(1) سورة 5 المائدة آية 106 (2) سورة 6 الانعام آية 100 (3) سورة 17 الاسرى آية 12 (4) سورة 21 الأنبياء آية 32
(١٥٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست