التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٧
قال: كان إبليس من الملائكة فلما عصى لعن فصار شيطانا. ومن قال إن إبليس له ذرية والملائكة لا ذرية لهم ولا يتناكحون ولا يتناسلون عول على خبر غير معلوم.
فأما الأكل والشرب ففي الملائكة ولو علم أنه مفقود، فانا لا نعلم أن إبليس كان يأكل ويشرب، فأما من قال إن الملائكة رسل الله، ولا يجوز عليهم أن يرتدوا. فلا نسلم لهم أن جميع الملائكة رسل الله، وكيف نسلم ذلك، وقد قال الله تعالى " الله يصطفى من الملائكة رسلا " (1) فأدخل (من) للتبعيض، فدل على أن جميعهم لم يكونوا رسلا أنبياء، كما أنه تعالى قال " ومن الناس " (2) فدل على أن جميع الناس لم يكونوا أنبياء. وقوله " ففسق عن أمر ربه " معناه خرج عن أمر ربه إلى معصيته بترك السجود لآدم. وأصل الفسق الخروج إلى حال تضر، يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وفسقت الفارة إذا خرجت من حجرها قال رؤبة:
يهوين في نجد وغورا غايرا * فواسقا عن قصدها جوائرا (3) وقال أبو عبيدة: هذه التسمية لم أسمعها في شئ من أشعار الجاهلية، ولا أحاديثها، وإنما تكلمت بها العرب بعد نزول القرآن، قال المبرد: والامر على ما ذكر أبو عبيدة، وهي كلمة فصيحة على ألسنة العرب، وأوكد الأمور ما جاء في القرآن.
وقال قطرب: معنا " ففسق عن امر ربه " عن رده أمر ربه، كقولهم كسوته عن عرى وأطعمته عن جوع، ثم خاطب تعالى الخلق الذين أشركوا بالله غيره، فقال " أفتتخذونه يعنى إبليس وذريته أولياء " أي أنصارا توالونهم من دون الله " وهم "

(١) سورة ٢٢ - الحج - آية ٧٥ (٢) سورة ٢٢ - الحج - آية ٧٥ (٣) ملحق ديوانه ١٩٠ ومجاز القرآن 1 / 406 وتفسير الطبري 51 / 158 والكشاف 3 / 110 واللسان والتاج (فسق) وغيرها.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست