قوله تعالى:
(وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا (57) ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا (58) وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا (59) ثلاث آيات بلا خلاف أخبر الله تعالى أنه لم يرسل رسله إلى الخلق، إلا مبشرين لهم بالجنة إذا أطاعوا، ومخوفين لهم من النار إذا عصوا، فالبشارة الاخبار بما يظهر سروره في بشرة الوجه يقال بشره تبشيرا وبشارة، وأبشره إبشارا إذا استبشر بالامر.
ومنه البشر لظهور بشرته. ثم قال " ويجادل الذين كفروا بالباطل " أي يناظر الكفار دفعا عن مذاهبهم بالباطل. وذلك انهم ألزموه أن يأتيهم أو يريهم العذاب على ما توعدهم ما هو لاحق بهم إن أقاموا على كفرهم. والباطل المعني الذي معتقده على خلاف ما هو به، كالمعني في أنه ينبغي أن تكون آيات الأنبياء على ما تقتضي الأهواء، كالمعني في أنه: يجب عبادة الأوثان على ما كان عليه الكبراء " ليدحضوا به الحق " والادحاض الا ذهاب بالشئ إلى الهلاك، ودحض هو دحضا. ومكان دحض أي مزلق مزل، لا يثبت فيه خف ولا حافر، ولا قدم، قال الشاعر: