التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٦
يوم يقول الله أين شركائي الذين زعمتم، ولو كان بالنون لكان الأشبه بما بعده أن يكون جمعا، فيقول شركاؤنا، فأما قوله " الذين زعمتم " فالراجع إلى الموصول محذوف، والمعنى الذين زعمتموهم إياهم أي زعمتموهم شركاء، فحذف الراجع من الصلة، ولابد من تقديره كقوله " أهذا الذي بعث الله رسولا " (1) يقول الله تعالى لنبيه واذكر الوقت الذي قال الله فيه " للملائكة اسجدوا لآدم " وانهم " سجدوا إلا إبليس " وقد فسرناه فيما تقدم. (2) وقيل: إنما كرر هذا القول في القرآن لأجل ما بعده مما يحتاج إلى اتصاله به، فهو كالمعنى الذي يفيد أمرا في مواضع كثيرة، والاخبار عنه باخبار مختلفة، كقولهم برهان كذا كذا وبرهان كذا كذا، للمعنى الذي يحتاج إلى احكامه في أمور كثيرة.
وقوله " كان من الجن " قيل معناه صار من الجن المخالفين لامر الله.
وقال قوم: ذلك يدل على أنه لم يكن من الملائكة، لان الجن جنس غير الملائكة، كما أن الانس غير جنس الملائكة والجن، ومن زعم أنه كان من الملائكة يقول:
معنى كان من الجن يعنى من الذين يستترون عن الابصار (3) لأنه مأخوذ من الجن وهو الستر، ومنه المجن لأنه يستر الانسان. وقال ابن عباس: نسب إلى الجنان التي كان فيها، كقولك كوفي وبصري، وقال قوم: بل كانت قبيلته التي كان فيها يقال لهم الجن، وهم سبط من الملائكة، فنسب إليهم. وقال ابن عباس: لو لم يكن إبليس في الملائكة ما أمر بالسجود. وقال وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم. وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى " كان من الجن "

(1) سورة 25 - الفرقان - آية 41 (2) سورة البقرة آية 34 المجلد الأول صفحة 147 وقد مر أيضا في 4 / 383 في تفسير آية 10 من سورة الأعراف (3) في المخطوطة (الانسان) بدل (الابصار)
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست