التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٦٨
اخبر الله تعالى ان موسى وفتاه لما جاوزا أي خرجا من ذلك الموضع.
والمجاوزة الخروج عن حد الشئ، يقال: تجاوز الله عن فلان أي تجاوز عن عقابه بمعنى أزل الله العقاب عنه.
والفتى الرجل الشاب وجمعه فتية وفتيان مثل صبية وصبيان. وإنما أضيف إلى موسى، لأنه كان يلزمه ليتعلم منه العلم وصحبه في سفره. وقيل إنه كان يخدمه، والعرب تسمي الخادم للرجل فتى، وإن كان شيخا، والأمة فتاة وإن كانت عجوزا، ويسمى التلميذ فتى، وإن كان شيخا، والفتى عند العرب السخي على الطعام وعلى المال والشجاع. و (الغداء) طعام الغداة و (العشاء) طعام العشي. والتغدي أكل طعام الغداة والتعشي أكل طعام العشي، و (النصب) التعب والوهن يكون عند الكد، ومثله الوصب. فقال له فتاه في الجواب " أرأيت " الوقت الذي أوينا إلى الصخرة " أي أقمنا عندها " فاني نسيت الحوت " ثم قال " وما انسانية " يعني الحوت " إلا الشيطان اذكره " أي وسوسني وشغلني بغيره حتى نسيت، فلذلك إضافة إلى الشيطان، لما كان عند فعله. ومعنى " وما انسانية " أي الحوت، يعني نسيت أن اذكر كيف اتخذ سبيله في البحر. وجاز نسيان مثل ذلك مع كمال العقل لأنه كان معجزا. وضم الهاء من (انسانية) حفص عن عاصم، لان الأصل في حركة الهاء الضم. ومن كسرها فلان ما قبلها (ياء) فحركها بما هو من جنسها.
وقوله " واتخذ سبيله في البحر عجبا " يعني أن موسى (ع) لما رأى الحوت قد حيي وهو يسلك الطريق إلى البحر، عجب منه ومن عظم شأنه، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد.
وقوله " ذلك ما كنا نبغي " حكاية عما قال موسى عند ذلك من أن ذلك الذي كنا نطلب من العلامة، يعني نسيانك الحوت، لأنه قيل له: صاحب الذي تطلبه
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست