التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٩
مصرفا (54) ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ جدلا (55) وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا (56)) ثلاث آيات بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة " قبلا " بضم القاف والباء. الباقون بكسر القاف وفتح الياء.
فمن قرأ بضم القاف والباء أراد جمع قبيل نحو قميص وقمص. وقال قوم: القبيلة بنو أب. والقبيل يعبر بها عن الجماعة وإن اختلفت أنسابهم واحتجوا بقول النابغة:
جوانح قد أيقن ان قبيله * إذا ما التقى الجمعان أول غالب (1) وجمع القبيلة قبائل. والقبائل أيضا قبائل الرأس، وهي عروق مجرى الدمع من الرأس، وسمي أيضا شئونا، واحدها شأن. ومن قرأ بكسر القاف وفتح الباء أراد مقابلة، أي معاينة. ويحتمل أيضا الضم، ذلك، ذكره الفراء والزجاج، وهما لغتان.
اخبر الله تعالى عن المجرمين والعصاة أنهم إذا شاهدوا نار جهنم ورأوها " فظنوا " اي علموا " انهم مواقعوها " ولم يجدوا عن دخولها معدلا ولا مصرفا، لان معارفهم ضرورية، فالظن ههنا بمعنى العلم. وقد يكون الظن غير العلم، وهو ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه أن يكون على خلافه.
والاجرام قطع العمل إلى الفساد. واصله القطع، يقال: هذا زمن الجرام أي زمن الصرام يعني زمان قطع الثمرة عن النخل. والمواقعة ملابسة الشئ، بشدة، ومنه وقائع الحروب وأوقع به ايقاعا. وتواقعوا تواقعا. والتوقع الترقب لوقوع الشئ، والمصرف

(1) ديوانه (دار بيروت) 10
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست