التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٦٠
المعدول. وهو موضع الذي يعدل إليه، صرفه عن كذا يصر صرفا. والموضع مصرف قال أبو كثير:
ازهير هل عن شيبة من مصرف * أم لا خلود لباذل متكلف (1) وقوله " ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل " اخبار من الله تعالى انه نقل المعاني في الجهات المختلفة في هذا القرآن، فتصريف المثل فيه تنقيله في وجوه البيان على تمكين الافهام. والمعنى بينا للناس من كل مثل يحتاجون إليه. ثم اخبر تعالى عن حال الانسان فقال " وكان الانسان أكثر شئ جدلا " أي خصومة.
والجدل شدة الفتل عن المذهب بطريق الحجاج. واصله الشدة، ومنه الأجدل الصقر لشدته، وسير مجدول شديد الفتل.
وقوله " وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين " معناه ما منعهم من الايمان بعد مجئ الدلالة وان يستغفروا ربهم على سبق من معاصيهم إلا طلب ان يأتيهم سنة الأولين، من مجئ العذاب من حيث لا يشعرون، أو مقابلة من حيث يرون. وإنما هم بامتناعهم من الايمان بمنزلة من يطلب هذا حتى يؤمن كرها، لأنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم، كما يقول القائل لغيره ما منعك ان تقبل قولي إلا أن تضرب، إلا انك لم تضرب، لان مشركي العرب طلبوا مثل ذلك، فقالوا " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم " (2)

(١) ديوان الهذليين ٢ / ١٠٤ وتفسير الطبري ١٥ / ١٦٠ واللسان (صرف) وشواهد الكشاف ١٩٢ ومجاز القرآن 1 / 407 (2) سورة 8 الأنفال آية 32
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست