ونسقيكم من بعض ما في بطونه.
يقول الله تعالى " وإن لكم " معاشر العقلاء " في الانعام " وهي الماشية التي تمشي على نعمة في مشيها، خلاف الحافر في وطئها، وهي الإبل والبقر والغنم (لعبرة) يعني دلالة تستدلون بها على توحيد الله، وصفاته التي يختص بها دون سواه.
وقوله (نسقيكم مما في بطونها) فالسقي اعطاء ما يصلح للشرب، فلما كان الله تعالى قد أعطى العباد ألبان الانعام، باجرائه في ضروعها، وتمكينهم منها، من غير حظر لها، كان قد سقاهم إياها.
ثم قال (ولكم فيها) يعني في الانعام " منافع كثيرة " ولذات عظيمة، ببيعها والتصرف فيها وأكل لحومها، وشرب ألبانها، وغير ذلك من الانتفاع بأصوافها وأوبارها، واشعارها، وغير ذلك (ومنها تأكلون) يعني اللحم، وغيره من الألبان وما يعمل منها. ثم قال: ومن منافعها انكم تحملون عليها الأثقال في أسفاركم بأن تركبوها وتحملوا عليها أثقالكم. ومثل ذلك على الفلك، وهي السفن.
ثم اقسم تعالى انه أرسل نوحا إلى قومه، يدعوهم إلى الله، ويقول لهم (اعبدوا الله) وحده لا شريك له، فإنه لا معبود لكم غيره. ويحذرهم من عقابه، ويقول (أفلا تتقون) نقمة الله بالاشراك معه في العبادة. ثم حكى أن الملا وهم - جماعة اشراف قومه - الكفار، قال بعضهم لبعض: ليس نوح هذا إلا مخلوقا مثلكم، وبشر مثلكم، وليس بملك (يريد أن يتفضل عليكم) فيسودكم ويترأسكم وأن يكون أفضل منكم " ولو شاء الله " ما قاله من توحيده واختصاصه بالعبادة (لأنزل ملائكة) عليكم يدعونكم إلى ذلك. ثم قالوا " ما سمعنا بهذا " يعني بما قال نوح، وبمثل دعوته. وقيل بمثله بشرا أتى برسالة من ربه في أسلافنا الماضين وآبائنا وأجدادنا الذين تقدمونا. ثم قالوا: (إن هو الا رجل به جنة) اي ليس