التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٥
إذا حثه على المر السريع، فمعنى " يركضون " يهربون من العذاب سراعا، كالمنهزم من عدو. فيقول الله تعالى لهم " لا تركضوا " أي لا تهربوا من الهلاك " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " أي ارجعوا إلى ما كنتم تنعمون فيه، توبيخا لهم وتقريعا على ما فرط منهم. ومعنى " ما أترفتم فيه " نعمتم، فالمترف المنعم والتترف التنعم، وهي طلب النعمة. " ومساكنكم لعلكم تسألون " أي ارجعوا إلى مساكنكم لكي تفيقوا بالمسألة - في قول مجاهد - وقال قتادة: إنما هو توبيخ لهم في الحقيقة. والمعنى تسألون من أنبيائكم؟ على طريق الهزء بهم، فقالوا عند ذلك معترفين على نفوسهم بالخطأ " يا ويلنا إنا كنا ظالمين " لنفوسنا بترك معرفة الله وتصديق أنبيائه، وركوب معاصيه. والويل الوقوع في الهلكة. ونصب على معنى ألزمنا ويلنا.
ثم اخبر الله تعالى عنهم بأن ما حكاه عنهم من الويل " دعواهم " ونداؤهم أبدا " حتى جعلناهم حصيدا خامدين " بالعذاب - في قول الحسن - وقال مجاهد:
يعني بالسيف، وهو قتل (بخت نصر) لهم. والحصيد قتل الاستئصال، كما يحصد الزرع بالمنجل، والخمود كخمود النار إذا طفيت.
قوله تعالى:
(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين (16) لو أرادنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين (17) بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون (18) وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون (19) يسبحون الليل
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست