باتت تناصي الفلك الدوارا * حتى الصباح تعمل الاقتارا (1) ومعنى " يسبحون " يجرون - في قول ابن جريج - وقال ابن عباس " يسبحون " بالخير والشر، والشدة والرخاء. وإنما قال " يسبحون " على فعل ما يعقل، لأنه أضاف إليها الفعل الذي يقع من العقلاء، كما قال " والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " (2) وقال " ولقد علمت ما هؤلاء ينطقون "، (3) وقال النابغة الجعدي:
تمززتها والديك يدعو صباحه * إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا (4) وقوله " كل في فلك يسبحون " أراد الشمس والقمر والنجوم، لان قوله " الليل " دل على النجوم.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله و " ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " أي البقاء دائما في الدنيا " أفإن مت فهم الخالدون " اي لم يجعل لهم الخلود، حتى لو مت أنت لبقوا أولئك مخلدين، بل ما أولئك مخلدين. ثم أكد ذلك، وبين بأن قال " كل نفس ذائقة الموت " والمعنى لابد لكل نفس حية بحياة أن يدخل عليها الموت، وتخرج عن كونها حية. وإنما قال (ذائقة) لان العرب تصف كل أمر شاق على النفس بالذوق كما قال " ذق انك أنت العزيز الكريم " (5). وقال الفراء: إذا كان اسم الفاعل لما مضى جازت الإضافة، وإذا كان للمستقبل، فالاختيار التنوين، ونصب ما بعده.
ثم قال تعالى " ونبلوكم " اي نختبركم معاشر العقلاء بالشر والخير، يعني بالمرض والصحة. والرخص والغلاء، وغير ذلك من أنواع الخير والشر " فتنة "