وقوله (بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه " فالمعني في (بل) الاضراب بها عما حكى انهم قالوه أولا، والاخبار عما قالوه ثانيا، لأنهم أولا قالوا: هذا الذي اتانا به من القرآن (أضغاث أحلام) اي تخاليط رؤيا، رآها في المنام - في قول قتادة - قال الشاعر:
كضغث حلم عزمته حالمة (1) ثم قالوا: لا (بل افتراه) اي تخرصه وافتعله. ثم قالوا: (بل هو شاعر) وإنما قالوا: هو شاعر، قول متحير، قد بهره ما سمع، فمرة يقول ساحر، ومرة يقول شاعر. ولا يجزم على أمر واحد. قال المبرد: في (أسروا) اضمار هؤلاء اللاهية قلوبهم، والذين ظلموا بدلا منه. وقال قوم: قدم علامة الجمع، لان الواو علامة الجمع، وليست بضمير، كقولهم: انطلقوا أخوتك، وانطلقا صاحباك، تشبيها بعلامة التأنيث، نحو: ذهبت جاريتك، وهذا يجوز، لكن لا يختار في القرآن مثله.
قوله تعالى:
(ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون (6) وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (7) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين (8) ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين (9) لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم