التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٩
فكان يؤدي ذلك إلى أن أحدهما إذا أراد فعلا، وأراد الآخر ضده، إما ان يقع مرادهما فيؤدي إلى اجتماع الضدين أولا يقع مرادهما، فينتقض كونهما قادرين، أو يقع مراد أحدهما، فيؤدي إلى نقض كون الآخر قادرا. وكل ذلك فاسد، فإذا لا يجوز أن يكون الإله إلا واحدا. وهذا مشروح في كتب الأصول.
ثم نزه تعالى نفسه عن أن يكون معه إله يحق له العبادة، بأن قال " فسبحان الله رب العرش عما يصفون " وإنما أضافه إلى العرش، لأنه أعظم المخلوقات. ومن قدر على أعظم المخلوقات كان قادرا على ما دونه.
ثم قال تعالى " لا يسأل عما يفعل " لأنه لا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب، ولا يقال للحكيم لو فعلت الصواب " وهم يسألون " لأنه يجوز عليهم الخطأ.
ثم قال " أم اتخذوا من دونه آلهة " معنى (أم) بل. ثم قال: قل لهم يا محمد " هاتوا برهانكم " على ذلك وحججكم على صحة ما فعلتموه. فالبرهان هو الدليل المؤدي إلى العلم، لأنهم لا يقدرون على ذلك ابدا.
وفى ذلك دلالة على فساد التقليد، لأنه طالبهم بالحجة على صحة قولهم قال الرماني (إلا) في قوله " إلا الله " صفة، وليست باستثناء، لأنك لا تقول لو كان معناه إلا زيد لهلكنا، على الاستثناء. لان ذلك محال، من حيث إنك لم تذكر ما تستثني منه كما لم تذكره في قولك كان معنا إلا زيد، فهلكنا قال الشاعر:
وكل أخ مفارقه اخوه * لعمر أبيك الا الفرقدان (1) أراد وكل أخ يفارقه اخوه غير الفرقدين. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله وقل لهم:
" هذا ذكر من معي " بما يلزمهم من الحلال والحرام والخطأ والصواب، (وذكر من قبلي) من الأمم، ممن نجا بالايمان أو هلك بالشرك - في قول قتادة - وقيل:

(1) انظر 6 / 69
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست