آخرين (11) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون (12) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون (13) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين (14) فما زالت تلك دعويهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) (15) خمس آيات.
يقول الله تعالى مخبرا انه قصم قرى كثيرة، ويريد أهلها. وقوله " كانت ظالمة " لما أضاف الهلاك إلى القرية أضاف الظلم إليها. والتقدير قصمنا أهل قرية كانوا ظالمين لنفوسهم، بمعاصي الله، وارتكاب ما حرمه. و (كم) للكثرة وهي ضد (رب) لان (رب) للتقليل. و (كم) في موضع نصب ب (قصمنا). والقصم كسر الصلب قهرا، قصمه يقصمه قصما، فهو قاصم الجبابرة، وانقصم انقصاما مثل انقصف انقصافا.
وقوله " وأنشأنا بعدها قوما آخرين " يعني أو جدنا بعد هلاك أولئك قوما آخرين. والانشاء إيجاد الشئ من غير سبب يولده، يقال أنشأه إنشاء والنشأة الأولى الدنيا، والنشأة الثانية الآخرة. ومثل الانشاء الاختراع والابتداع - هذا في اللغة - فأما في عرف المتكلمين، فالاختراع هو ابتداع الفعل في غير محل القدرة عليه.
وقوله " فلما أحسوا بأسنا " معناه لما أدركوا بحواسهم عذابنا، والاحساس الادراك بحاسة من الحواس الخمس: السمع، والبصر، والانف، والفم، والبشرة.
يقال: أحسه إحساسا وأحس به. وقال قوم: أراد عذاب الدنيا. وقال آخرون:
أراد عذاب الآخرة.
وقوله " إذا هم منها يركضون " فالركض العدو بشدة الوطئ، ركض فرسه