يوحى إليهم) ووجه الاحتجاج بذلك انه لو كان يجب أن يكون الرسول إلى هؤلاء الناس من غير البشر، كما طلبوه، لوجب أن يكون الرسول إلى من تقدمهم من غير البشر، فلما صح إرسال رجال إلى من تقدم، صح إلى من تأخر. وقال الحسن:
ما ارسل الله امرأة، ولا رسولا من الجن، ولا من أهل البادية. ووجه اللطف في إرسال البشر ان الشكل إلى شكله آنس. وعنه افهم ومن الانفة منه ابعد، لأنه يجري مجرى النفس، والانسان لا يأنف من نفسه.
ثم قال هلم " فاسألوا أهل الذكر " عن صحة ما أخبرتكم به من أنه لم يرسل إلى من تقدم إلا الرجال من البشر.
وفى الآية دلالة على بطلان قول ابن حائط: من أن الله تعالى بعث إلى البهائم والحيوانات كلها رسلا.
واختلفوا في المعني بأهل الذكر، فروي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال:
(نحن أهل الذكر) ويشهد لذلك أن الله تعالى سمى نبيه ذكرا بقوله " ذكرا رسولا " (1) وقال الحسن: وقتادة: هم أهل التوراة والإنجيل. وقال ابن زيد:
أراد أهل القرآن، لان الله تعالى سمى القرآن ذكرا في قوله " انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " (2) وقال قوم: معناه واسألوا أهل العلم باخبار من مضى من الأمم هل كانت رسل الله رجالا من البشر أم لا؟.
وقيل في وجه الامر بسؤال الكفار عن ذلك قولان:
أحدهما - انه يقع العلم الضروري بخبرهم إذا كانوا متواترين، وأخبروا عن مشاهدة، هذا قول الجبائي.
والثاني - ان الجماعة الكثيرة إذا أخبرت عن مشاهدة حصل العلم بخبرها إذا