كانوا بشروط المتواترين وإن لم يوجب خبرهم العلم الضروري.
وقال البلخي: المعنى انك لو سألتهم عن ذلك لأخبروك أنا لم نرسل قبلك إلا رجالا. وقال قوم: أراد من آمن منهم. ولم يرد الامر بسؤال غير المؤمن.
ثم اخبر تعالى انه لم يبعث رسولا ممن أرسله إلا وكان مثل سائر البشر يأكل الطعام، وانه لم يجعلهم مثل الملائكة لا يأكلون الطعام، وأنهم مع ذلك لم يكونوا خالدين مؤبدين، بل كان يصيبهم الموت والفناء كسائر الخلق. وإنما وحد " جسدا " لأنه مصدر يقع على القليل والكثير، كما لو قال: وما جعلناهم خلقا.
ثم قال تعالى " ثم صدقناهم الوعد " يعني الأنبياء الماضين ما وعدناهم به من النصر والنجاة، والظهور على الاعداء، وما وعدناهم به من الثواب، فأنجيناهم من أعدائهم، ومعهم من نشاء من عبادنا، وأهلكنا المسرفين على أنفسهم، بتكذيبهم للأنبياء. وقال قتادة: المسرفون هم المشركون. والمسرف الخارج عن الحق إلى ما تباعد عنه. يقال: اسراف إسرافا إذا جاوز حد الحق وتباعد عنه.
ثم اقسم تعالى بقوله " لقد أنزلنا إليكم "، لأن هذه اللام يتلقى بها القسم، بأنا أنزلنا عليكم " كتابا " يعني القرآن (فيه ذكركم) قال الحسن: معناه فيه ما تحتاجون إليه من أمر دينكم. وقيل: فيه شرعكم إن تمسكتم به، وعملتم بما فيه.
وقيل: ذكر، لما فيه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الافعال (أفلا تعقلون) يعني أفلا تتدبرون، فتعلموا أن الامر على ما قلناه.
قوله تعالى:
(وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشانا بعدها قوما