التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٦
والنهار ولا يفترون) (20) خمس آيات بلا خلاف.
بقول الله تعالى مخبرا على وجه التمدح: إنا " ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما " أي ما أنشأناها " لاعبين " ونصبه على الحال. واللعب الفعل الذي يدعو الله الجهل بما فيه من النقص، لان العلم يدعو إلى أمر، والجهل يدعو إلى خلافه.
والعلم يدعو إلى الاحسان. والجهل يدعو إلى الإساءة لتعجيل الانتفاع. واللعب يستحيل في صفة القديم تعالى، لأنه عالم لنفسه. بجميع المعلومات غني عن جميع الأشياء، ولا يمتنع وصفه بالقدرة عليه كما نقول في سائر القبائح، وإن كان المعلوم أنه لا يفعله، لما قدمناه.
ثم قال تعالى " لو أردنا آن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا " قال الحسن ومجاهد: اللهو المرأة. وقال قتادة: اللهو المرأة بلغة أهل اليمين - وهو من اللهو المعروف، لأنه يطلب بها صرف الهم. وهذا إنكار لقولهم: الملائكة بنات الله، والمسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك، وروي عن الحسن البصري أيضا أنه قال:
اللهو الولد.
ووجه اتصال الآية بما قبلها أن هؤلاء الذين وصفوهم أنهم بنات الله، وأبناء الله هم عبيد الله، على أتم وجه العبودية، وذلك يحيل معنى الولادة لأنها لا تكون إلا مع المجانسة. ومعنى " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا. الانكار على من أضاف ذلك إلى الله، ومحاجته بأنه لو كان جائزا في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لكم أو لغيركم من العباد، لما في ذلك من خلاف صفة الحكيم الذي يقدر أن يستر النقص، فيظهره. وإنما استحال اللهو على الله تعالى، لأنه غني بنفسه عن كل شئ سواه، يستحيل عليه المرح. واللاهي المارح والملتذ بالمناظر الحسنة والأصوات المؤنقة.
(٢٣٦)
مفاتيح البحث: الحسن البصري (1)، الجهل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست