قوله تعالى:
واتل عليهم نبأ الذي اتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (174) آية بلا خلاف.
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله يأمره بأن يقرأ على بني إسرائيل وغيرهم من أمته خبر الذي اتاه الله حججه وبيناته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان وكان من جملة الغاوين الخائبين الخاسرين. وقيل معناه الضالين الهالكين.
واختلفوا في المعني بقوله " آتيناه آياتنا ": فقال ابن عباس ومجاهد:
هو بلعام بن باعورا من بني إسرائيل. وقال: معنى " فانسلخ منها " ما نزع منه من العلم. وروي عن عبد الله بن عمر انها نزلت في أمية بن أبي الصلت. وقال مسروق وعبد الله: هي في رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعوراء. وقال قوم: هو رجل من الكنعانيين. وقال الحسن: هذا مثل ضربه الله للكافر آتاه الله آيات دينه " فانسلخ منها " يقول اعرض عنها وتركها " فاتبعه الشيطان " خذله الله وخلى عنه وعن الشيطان، وهو مثل قوله تعالى " كتب عليه انه من تولاه فإنه يضله " (1) أي كتب على الشيطان انه من تولى الشيطان فان الشيطان يضله. وقال الجبائي أراد به المرتد الذي كان الله آتاه العلم به وبآياته فكفر به وبآياته وبدينه من بعد إن كان به عارفا فانسلخ من العلم بذلك ومن الايمان.
وقوله " فأتبعه الشيطان " معناه ان الشيطان اتبعه كفار الانس وغواتهم حتى اتبعوه على ما صار إليه من الكفر بالله وبآياته. وقيل اتبعه الشيطان بالتزيين والاغواء حتى تمسك بحبله وكان من الغاوين الخائبين من رحمة الله، قال وهو رجل من المتقدمين يقال له: بلعام بن باعورا.