على طولهم أو قصرهم.
ويحتمل أن يكون معنى الآية إنا نعاقبهم على استدراجهم للناس وإغوائهم إياهم ونعاقبهم على كيدهم، فجعل العقوبة على الاستدراج استدراجا، والعقوبة على الكيد كيدا، كما قال " سخر الله منهم " (1) وقال " الله يستهزئ بهم " (2) وقال يخادعون الله وهو خادعهم " (3) وقال " والله خير الماكرين " (4) وما أشبه ذلك.
ويحتمل أن يكون المراد: إني سأفعل بهم ما يدرجون في الفسوق والضلال عنده ويكون ذلك إخبار عن بقائهم على الكفر عند إملائه لهم، فسمى ذلك استدراجا لأنهم عند البقاء كفروا وازدادوا كفرا ومعصية. وإن كان الله لم يرد منهم ذلك ولا بعثهم عليه، كما قال " أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " (5) كما يقول القائل: أبطر فلان فلانا بانعامه عليه. ولقد أبطرته النعمة وأكفرته السلامة، وإن كان المنعم لا يريد ذلك بل أراد ان يشكره عليها.
ومعنى قوله " وأملي لهم " أؤخر هؤلاء الكفار في الدنيا وأبقيهم مع إصرارهم على الكفر ولا أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم، لأنهم لا يفوتوني ولا يعجزوني، ولا يجدون مهربا ولا ملجأ.
وقوله تعالى " إن كيدي متين " معناه إن عذابي وسماه كيدا لنزوله بهم من حيث لا يشعرون. وقيل: إنه أراد أن جزاء كيدهم وسماه كيدا للازدواج على ما بينا نظائره. ومعنى " متين " شديد قوي قال الشاعر:
عدلن عدول اليأس والشيخ يبتلى * افانين من الهوب شد مماتني (6)