التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠
والحفض في الدنيا والدعة والسعة في الرزق، وهي الحسنات. ويعني بالسيئات الشدائد في الحبس والمصائب في الأنفس والأموال " لعلهم يرجعون " اي لكي يرجعوا إلى طاعته وينيبوا إلى امتثال امره.
فان قيل كيف قال: لكي يرجعوا إلى الحق. وهم لم يكونوا عليه قط؟!
قلنا عنه جوابان:
أحدهما - انهم مارون على وجوههم إلى جهة الباطل فدعوا إلى الرجوع إلى جهة الحق لان الانصراف عن الباطل رجوع إلى الحق.
الثاني - انهم ولدوا على الفطرة وهي دين الحق الذي يلزمهم الرجوع إليه.
قوله تعالى:
فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (168) آية بلا خلاف.
معنى الآية ان الله اخبر انه خلف - بعد القوم الذين كانوا فرقهم في الأرض - خلف، وهم قوم نشؤوا بعدهم من أولادهم ونسلهم، يقال للقرن الذي يجئ في اثر قرن خلف، والخلف ما اخلف عليك بدلا مما اخذ منك. ويقال في هذا خلف أيضا. فأما ما اخلف عليك بدلا مما ذهب منك، فهو - بفتح اللام - افصح. قال الفراء: يقال: أعطاك خلفا مما ذهب لك، فأنت خلف صدق وخلف سوء، قال الله تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة " (1) وأكثر ما يجئ في المدح

(1) سورة 19 مريم آية 59
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست