التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٦
لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (178) آية بلا خلاف.
معنى " ذرأنا " خلقنا يقال: ذرأهم يذرأهم واللام في (لجهنم) لام العاقبة.
والمعنى انه لما كانوا يصيرون إليها بسوء اختيارهم وقبح أعمالهم جاز أن يقال: إنه ذرأهم لها والذي يدل على أن ذلك جزاء على اعمالهم قوله " لهم قلوب لا يفقهون بها " وأخبر عن ضلالهم الذي يصيرون به إلى النار، وهو مثل قوله تعالى " إنما نملي لهم لازدادوا إثما " (1) ومثل قوله " ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك " (2) ومثل قوله عز وجل " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " (3) وإنما التقطوه ليكون قرة عين كما قالت امرأة فرعون عند التقاطه " فرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " (4) ومثله قول القائل: أعددت هذه الخشبة ليميل الحائط فأسنده بها وهو لا يريد ميل الحائط. ومثله قول الشاعر:
وللموت تغذو الوالدات سخالها * كما لخراب الدهر تبنى المساكن (5) وقال الآخر:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها (6) وقال الآخر:

(1) سورة 3 آل عمران آية 178 (2) سورة 10 يونس آية 88 (3) سورة 28 القصص آية 8 (4) سورة 28 القصص آية 9 (5) قائله سابق البربري أو (البريدي) العقد الفريد 1 / 269 (6) انظر 3 / 60 من هذا الكتاب
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست