كذلك الدعاء لأنه يصح من دونك لك.
وقوله " إذا دعاكم لما يحييكم " قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - دعاكم إلى احياء امركم بجهاد عدوكم مع نصر الله إياكم، وهو قول ابن إسحاق والفراء والجبائي. وقال البلخي: معناه لما يبقيكم ويصلحكم ويهديكم ويحيي امركم.
الثاني - معناه لما يورثكم الحياة الدائمة في نعيم الآخرة من اتباع الحق: القرآن الثالث - معناه لما يحييكم بالعلم الذي تهتدون به من اتباع الحق، والاقتداء بما فيه.
وقوله " واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه " قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - ان يفرق بين المرء وقلبه بالموت أو الجنون وزوال العقل. فلا يمكنه استدراك ما فات. والمعنى بادروا بالتوبة من المعاصي قبل هذه الحال.
الثاني - ان معناه بادروا بالتوبة لأنه أقرب إلى المرء من حبل الوريد لا يخفى عليه خافية من سره وعلانيته وفي ذلك غاية التحذير.
والثالث - تبديل قلبه من حال إلى حال لأنه مقلب القلوب من حال الامن إلى حال الخوف ومن حال الخوف إلى حال الامن على ما يشاء.
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام في معنى قوله " يحول بين المرء وقلبه " قال لا يستيقن القلب أن الحق باطل أبدا ولا يستيقن أن الباطل حق ابدا.
فأما من قال من المجبرة: إن المراد إن الله يحول بين المرء والايمان بعد امره إياه به فباطل، لأنه تعالى لا يجوز عليه أن يأمر أحدا بما يمنعه منه ويحول بينه وبينه، لان ذلك غاية السفه، تعالى الله عن ذلك. وأيضا فلا أحد من الأمة يقول: إن الايمان مستحيل من الكافر، فإنهم وان قالوا إنه لا يقدر على الايمان يقولون يجوز منه الايمان ويتوقع منه ذلك، ومن ارتكب ذلك فقد خرج من الاجماع.