والكاف في قوله " ذلكم " لا موضع له من الأعراف لأنه حرف خطاب، ولو كان اسما لجاز أن يؤكد بالنفس وذلك غير جائز اجماعا. والإشارة بذلك إلى ما تقدم من أنواع العقوبات، وإنما ضم إلى الكاف الميم، لأنه خطاب للمشركين.
وقوله " فذوقوه " فالذوق طلب ادراك الطعم بتناول اليسير بالفم كما أن الشم طلب ادراك الرائحة بالأنف، وليس بالادراك، لأنه يقال ذقته فلم أجد له طعما، وشممته فلم أجد له رائحة، وإنما قال " فذوقوه " والذوق اليسير من الطعام، لان المعنى كونوا للعذاب كالذائق للطعام، لان معظمه بعده. وقيل: لان الذائق أشد احساسا بالطعم من المستمر عليه، فكأن حالهم ابدا حال الذائق في شدة احساسه نعوذ بالله منه.
وقوله " وأن للكافرين " فموضع " أن " يحتمل النصب والرفع، فالرفع بالعطف على ذلكم كأنه قال " ذلكم، فذوقوه " وذلكم " ان للكافرين عذاب النار " مع ذا والنصب من وجهين: أحدهما - وبان للكافرين، والاخر - واعلموا ان للكافرين، كما انشده الفراء:
تسمع للأحشاء منه لغطا * ولليدين جسأة وبددا (1) اي وترى لليدين وإنما قدم الخبر في قوله: " وأن للكافرين " على الاسم لدلالته على الكفر الذي هو السبب للعذاب. ومرتبة السبب قبل المسبب.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار (15) آية.