وقال الرماني: هو التصديق بما يؤمن من العقاب مع العمل به.
امر الله تعالى المؤمنين أن يطيعوا الله ورسوله، والطاعة هي امتثال امره وموافقة إرادته الجاذبة إلى الفعل بطريق الرغبة أو الرهبة، والإجابة موافقة الإرادة فيما يعمل من اجلها. وقوله " ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون " معناه ولا تعرضوا عن امره ونهيه وأنتم تسمعون دعاءه لكم، فنهاهم عن التولي في هذه الحال. وقال الحسن:
معناه وأنتم تسمعون الحجة.
قوله تعالى:
ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21) آية.
" ولا تكونوا " في موضع جزم وحذف النون دلالة على الجزم.
نهى الله تعالى المؤمنين الذين خصهم بالذكر في الآية الأولى عن أن يكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون، وفي الكلام حذف المنهي عنه، لأنه قد دل عليه من غير جهة الذكر له، وفي ذلك غاية البلاغة، والتقدير ولا يكونوا في قولهم المنكر هذا " كالذين " والتشبيه على ثلاثة أوجه: أعلى وأدنى وأوسط، فالأعلى هو الذي حذف معه أداة التشبيه، كقولهم للانسان: هذا الأسد، والأوسط تثبت معه مجردة كقوله " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة " (1) والأدنى تأتي معه مقيدة كقولهم الجسم كالعرض في الحدوث.
ومعنى قوله " قالوا سمعنا وهم لا يسمعون " معناه سمعنا سماع عالم قابل، وليسوا كذلك، وهو من صفة المنافقين في قول ابن إسحاق وأبي علي. وقال الحسن: يعني به أهل الكتاب. وقيل: هو من صفة المشركين، فجعلوا بمنزلة من لا يسمع في أنهم لم ينتفعوا بالمسموع. وقال أبو علي: هي نفي القبول من قولك