التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٩٨
سمع الله لمن حمده. وقال الزجاج: يعني الذين قالوا " لو نشاء لقلنا مثل هذا " فسماهم الله لا يسمعون لأنهم استمعوا استماع عداوة وبغضاء فلم يتفهموا ولم يتفكروا فكانوا بمنزلة من لم يسمع. وقال ابن إسحاق: أراد به الذين يظهرون الايمان ويسرون النفاق.
قوله تعالى:
إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (22) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى " إن شر الدواب عند الله الصم " والشر إظهار السوء الذي يبلغ من صاحبه وهو نقيض الخير. وقيل الشر الضر القبيح، والخير النفع الحسن. وقيل الشر الضر الشديد. والخير النفع الكثير، واصل الشر الاظهار من قول الشاعر:
كما أشرت بالأكف المصاحف (1) اي أظهرت، وشر الرجل يشر شرا وشروت الثوب إذا بسطته في الشمس وشرر النار ما تطاير منه لظهوره بانتشاره وتفرقه، ومنه الشر وهو ما يظهر من الضرر كشرر النار.
والدواب جمع دابة وهي ما دب على وجه الأرض إلا أنه تخصص في العرف بالخيل دب يدب دبيبا.
فبين ان هؤلاء الكفار شر ما دب على الأرض من الحيوان. ثم شبههم بالصم

(١) نسب إلى كعب بن جعيل. وقيل هولا بن الحمام المري. وقيل لابن جهمة الأسدي راجع: وقعة صفين: ٣٣٦، 411، واللسان " شرر " وروايته:
فما برحوا حتى رأى الله صبرهم * وحتى أشرت بالأكف المصاحف وأشرت - بتشديد الراء المفتوحة، مبني للمفعول - اي أظهرت بكثرة.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست