التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠
وغير ذلك من الأسماء التي تليق به، وهي الأسماء الراجعة إلى ذاته أو فعله نحو العالم العادل، والسميع البصير المحسن المجمل، وكل اسم لله فهو صفة مفيدة لان اللقب لا يجوز عليه. وامر تعالى ان يدعوه خلقه بها وان يتركوا أسماء أهل الجاهلية وتسميتهم أصنامهم آلهة ولاتا وغير ذلك. وقال الجبائي: يحتمل أن يكون أراد تسميتهم المسيح بأنه ابن الله وعزيزا بأنه ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال قوم: هذا يدل على أنه لا يجوز أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه.
وقوله " وذروا الذين يلحدون " فيه تهديد للكفار وأن الله تعالى سيعاقبهم على عدولهم عن الحق في تغيير أسمائه.
وقوله تعالى " سيجزون ما كانوا يعملون " معناه سيجزون جزاء ما كانوا يعملون من المعاصي بأنواع العذاب. قال الرماني الاسم كلمة تدل على المعني دلالة الإشارة، والفعل كلمة تدل على المعني دلالة الإفادة. والصفة كلمة مأخوذة للمذكور من أصل من الأصول لتجري عليه تابعة له.
قوله تعالى:
وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (180) آية.
أخبر الله تعالى أن من جملة من خلقه جماعة يهدون بالحق. وهداهم بالحق هو دعاؤهم الناس إلى توحيد الله والى دينه وتنبيههم إياهم على ذلك. وقال قوم معنى (يهدون) يهتدون " وبه يعدلون " معناه إنهم يعملون بالعدل والانصاف فيما بينهم وبين الناس.
وهذا إخبار ان فيما خلق قوما هذه صفتهم ولا يدل ذلك على أن في كل عصر يوجد قوم هذه صفتهم ولو لم يوجدوا إلا في وقت واحد كانت الفائدة حاصلة بالآية، فلا يمكن الاستدلال بها على أن اجماع أهل الاعصار حجة. على أن عندنا انه لا يخلوا وقت من الأوقات ممن يجب اتباعه وتثبت عصمته ويكون حجة الله على
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست