وباع بياعا، فصححوها في المصدر كصحتها في الفعل، وقالوا: قام قياما فأعلوه ونحوه، لاعتلاله في الفعل. وقرأ ابن كثير وأهل البصرة وحفص (يفصل) بالياء.
الباقون بالنون. من قرأ بالياء فلانه قد تقدم ذكر الله تعالى فأضمر الاسم في الفعل. ومن قرأ بالنون فهذا المعنى يريد. ويقويه بقوله " تلك آيات الله نتلوها " وقد تقدم " أوحينا " فيكون نفصل محمولا على " أوحينا " والياء أقوى، لان الاسم الذي يعود إليه أقرب إليه من (أوحينا).
اخبر الله تعالى ان الذي يرجع إليه الخلق هو الله " الذي جعل الشمس ضياء " والجعل وجود ما به يكون الشئ على صفة لم يكن عليها، فتارة يكون باحداثه وأخرى باحداث غيره. والشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لما فيهما من عظم النور، ومسيرهما بغير علاقة ولا دعامة، وفيهما أعظم الدلالة على وحدانية الله تعالى. والنور شعاع فيه ما ينافي الظلام. ونور الشمس لما كان أعظم الأنوار سماه الله ضياء، كما قيل للنار نارا، لما فيها من الضياء، ولما كان نور القمر دون ذلك سماه نورا، لان نور الشمس وضياءها يغلب عليه، ولذلك يقال أضاء النهار، ولا يقال أضاء الليل بل يقال أنار الليل، وليلة منيرة. ويقولون: في قلبه نور، ولا يقال فيه ضياء، لان الضوء يقال لما يحس بكثرته. وقوله " وقدره منازل " إنما وحد في قوله " وقدره " ولم يقل وقدرهما، لاحد أمرين: أحدهما - أنه أراد به القمر، لان بالقمر تحصى شهور الأهلة التي يعمل الناس عليها في معاملتهم. والاخر - ان معناه التثنية غير أنه وحده للايجاز اكتفاء بالمعلوم، كقوله " والله ورسوله أحق أن يرضوه " (1) وقال الشاعر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريئا ومن جول الطوي رماني (2) وقوله " ما خلق الله ذلك إلا بالحق " معناه لم يخلق ما ذكر من السماوات والأرض والشمس والقمر وقدرهما منازل إلا حقا. وقوله " يفصل الآيات " اي