محاولة ما يشق، تقول: ضاره مضارة وضرارا. والآية تدل على أن الفعل يقع بالإرادة على وجه القبح دون الحسن، أو الحسن دون القبح، لأنهم لو بنوا المسجد للصلاة فيه لكان حسنا، لكن لما قصدوا المضارة كان ذلك قبيحا ومعصية.
وقوله " وتفريقا بين المؤمنين " أي بنوه للمضارة والكفر والتفريق بين المؤمنين. وإنما يكون تفريقا بين المؤمنين بأن يتحزبوا، فحزب يصلي فيه وحزب يصلي في غيره لتختلف الكلمة وتبطل الألفة. واتخذوه أيضا ليكفروا فيه بالطعن على النبي صلى الله عليه وآله والاسلام والمسلمين. وقوله " وارصادا لمن حارب الله ورسوله " معناه اتخذوا له ليكون متى أراد الاجتماع معهم حضره وأنس به، وهو رجل يقال له أبو عامر الراهب لحق بقيصر فتنصر وبعث الهيم سأتيكم بجند فأخرج به محمدا وأصحابه. فبنوه يترقبونه، وهو الذي حزب الأحزاب وحارب مع المشركين، فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام وخرج إلى الروم وتنصر، وابنه عبد الله قتل يوم أحد - وهو غسيل الملائكة - ذهب إليه أكثر المفسرين كابن عباس ومجاهد وقتادة. وأصل الارصاد الارتقاب تقول: رصده يرصده رصدا وأرصد له وراصده مراصدة وتراصد تراصدا وارتصده ارتصادا.
وقوله " وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى " معناه إن هؤلاء يحلفون على أنهم ما أرادوا ببناء هذا المسجد إلا الحسنى يعني إلا الفعلة الحسنى، فقال الله تعالى تكذيبا لهم " والله يشهد انهم لكاذبون " وكفى بمن يشهد الله بكذبه خزيا ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله قبل قدومه من تبوك عاصم بن عون العجلاني ومالك بن الدخثم وكان مالك من بني عوف، فقال لهما (انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه) فخرجا يشتدان سريعين على أقدامها ففعلا ما أمرهما به فثبت قوم من جملتهم زيد بن حارثة بن عامر حتى احترقت البتة.