التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٥
هذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين " اعملوا " ما أمركم الله به من الطاعة واجتنبوا معاصيه فان الله " سيرى عملكم ورسوله والمؤمنون " وفي ذلك ضرب من التهديد، كما قال مجاهد، والمراد بالرؤية هاهنا العلم الذي هو المعرفة ولذلك عداه إلى مفعول واحد، ولو كان بمعنى العلم الذي ليس بمعرفة لتعدى إلى مفعولين، وليس لاحد أن يقول: ان اعمال العباد من الحركات يصح رؤيتها لمكان هذه الآية، لأنه لو كان المراد بها العلم لعداه إلى الجملة وذلك أن العلم الذي يتعدى إلى مفعولين ما كان بمعنى الظن، وذلك لا يجوز على الله وإنما يجوز عليه ما كان بمعنى المعرفة. وروي في الخبر أن أعمال العباد تعرض على النبي صلى الله عليه وآله في كل اثنين وخميس فيعلمها، وكذلك تعرض على الأئمة عليهم السلام فيعرفونها، وهم المعنيون بقوله " والمؤمنون "، وإنما قال " فسيرى الله " على وجه الاستقبال. وهو عالم بالأشياء قبل وجودها. لان المراد بذلك انه سيعلمها موجودة بعد أن علمها معدومة وكونه عالما بأنها ستوجد من كونه عالما بوجودها إذا وجدت لا يجدد حال له بذلك. وقوله " وستردون إلى عالم الغيب والشهادة " معناه سترجعون إلى الله الذي بعلم السر والعلانية " فينبئكم " اي يخبركم " بما كنتم تعملون " ويجازيكم عليه.
قوله تعالى:
وآخرون مرجون لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم (107) آية.
قرأ أهل المدينة عن أبي بكر " مرجون " بغير همزة. الباقون بالهمزة والوجه فيهما أنهما لغتان.. ويقال: أرجأت وأرجيت بمعنى واحد.
وهذه الآية عطف على قوله " ومن أهل المدينة مردوا على النفاق..
وآخرون اعترفوا بذنوبهم.. وآخرون مرجون لامر الله " والارجاء تأخير الامر
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست