الذي يقبل التوبة ويقبل الصدقات. وفعل التوبة يستحق به الثواب لأنها طاعة. فأما اسقاط عقاب المعاصي المتقدمة عندها فالعقل لا يوجب ذلك. وإنما علم ذلك سمعا لان السمع قطع العذر بأن الله يسقط العقاب عند التوبة الصحيحة. وقد بينا في غير موضع فيما تقدم ان التوبة التي يسقط العقاب عندها قطعا هي الندم على القبيح والعزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح، لان الأمة مجمعة على سقوط العقاب عند هذه التوبة وفيما خالف هذه التوبة خلاف.
وقوله " ويأخذ الصدقات " معناه انه يأخذها بتضمن الجزاء عليها كما تؤخذ الهدية كذلك. وقال أبو علي الجبائي: جعل الله أخذ النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين للصدقة أخذا من الله على وجه التشبيه والمجاز، ومن حيث كان بأمره. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله ان الصدقة قد تقع في يد الله قبل ان تصل إلى يد السائل، والمراد بذلك انها تنزل هذا التنزيل ترغيبا للعباد في فعلها، وذلك يرجع إلى تضمن الجزاء عليها.
وقوله " وان الله هو التواب الرحيم " عطف على قوله " ألم يعلموا " ولذلك فتح (أن) لأنها مفعول به. والتواب في صفة الله معناه انه يقبل التوبة كثيرا وفي صفة العبد يفيد انه يفعل التوبة كثيرا وقيل في معنى " وتاب الله عليكم " (1) صفح عنكم ولم يكونوا أذنبوا فيتوبوا ليتوب الله عليهم وكذلك قوله " علم الله انكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم " (2) بمعنى صفح لأنهم لم يتوبوا.
قوله تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (106) آية.