التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٣
ومعنى " خير " في الآية أفضل، وليس فيه اشتراك، يقولون: هذا خير، وهذا شر، ولا يراد به (أفعل من) قال الشاعر:
والخير والشر مقرونان في قرن * فالخير متبع والشر محذور وأما قوله: وافعل الخير معناه افعلوا الأفضل. و (الشفا جرف) الشئ وشفيره وجرفه نهايته في المساحة ويثنى شفوان، والجرف جرف الوادي وهو جانبه الذي ينحفر بالماء أصله فيبقى واهيا، وهو من الجرف والاجتراف، وهو اقتلاع الشئ من أصله. ومعنى (انهارا) انصدع بالتهدم هار الجرف يهور هورا فهو هائر وتهور تهورا وانهار انهيارا، ويقال أيضا: هار يهار، وأصل هار هائر إلا أنه قلب كما قال الشاعر:
لاث به الاشاء والعبري (1) اي لائث بمعنى دائر، ومثله شاك في السلاح وشائك والاشاء النخل، والعبري السدر الذي على ساقي الأنهار، ومعنى لاث أي مطيف به.
شبه الله تعالى بنيان هؤلاء المنافقين مسجد الضرار ببناء يبنى على شفير جهنم فانهار ذلك البناء بأهله في نار جهنم، ووقع فيه. وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان، وهو قول ابن جريح.
قوله تعالى:
لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم (111) آية.
قرأ ابن عامر وحمزة وحفص وأبو جعفر ويعقوب " تقطع " بفتح التاء الباقون بضمها. وقرأ يعقوب وحده " إلى أن " على أنه حرف جر.

(١) اللسان (عبر) (لوث) (لثي) والتاج (عبر) ومجاز القرآن 1 / 269
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست