التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٧
جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (101) آية.
قرأ ابن كثير وحده " جنات تجري من تحتها " باثبات (من) وكذلك هو في مصاحف أهل مكة. الباقون بحذف (من) ونصبوا تحتها على الظرف وقرأ يعقوب " والأنصار والذين " بضم الراء. الباقون بجرها. من رفع عطف على قوله " والسابقون الأولون " ورفع على الابتداء والخبر قوله " رضي الله عنهم " ومن جر عطفه على " المهاجرين " كأنه قال: من المهاجرين ومن الأنصار. ومن أثبت (من) فلان في القرآن مواضع لا تحصى " جنات تجري من تحتها " ومن أسقطها تبع مصحف غير أهل مكة. والمعنى واحد.
اخبر الله تعالى أن الذين سبقوا أولا إلى الايمان بالله ورسوله والاقرار بهما من الذين هاجروا من مكة إلى المدينة والى الحبشة، ومن الأنصار الذين سبقوا أولا غيرهم إلى الاسلام من نظرائهم من أهل المدينة، والذين تبعوا هؤلاء بأفعال الخير والدخول في الاسلام بعدهم وسلوكهم منهاجهم. وقال الفراء: يدخل في ذلك من يجئ بعدهم إلى يوم القيامة. وقال الزجاج: مثله.
ثم اخبر أن الله رضي عنهم ورضي أفعالهم ورضوا هم أيضا عن الله لما أجزل لهم من الثواب على طاعاتهم وإيمانهم به وبنبيه. والسبق كون الشئ قبل غيره.
ومنه قيل في الخيل السابق، والمصلي هو الذي يجئ في اثر السابق يتبع صلاه.
وإنما كان السابق إلى الخير أفضل لأنه داع إليه بسبقه - والثاني تابع - فهو امام فيه وكذلك من سبق إلى الشر كان أسوء حالا لهذه العلة. والاتباع طلب الثاني لحال الأول أن يكون على مثلها على ما يصح ويجوز، ومثله الاقتداء. والاحسان هو النفع الواصل إلى الغير مع تعريه من وجوه القبح. فأما قولهم أحسن فمن فعله فقد يكون بفعل النفع وبفعل الضرر، لأنه تعالى إذا فعل في الآخرة العقاب يقال
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست