التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٩
بين الوجه في استغفار إبراهيم لأبيه مع أنه كان كافرا سواء كان أباه الذي ولده أو جده لامه أو عمه على ما يقوله أصحابنا. وهو أن قال: وجه حسن ذلك أنه كان تقدم ذلك موعدة، فلأجلها وجب عليه الوفاء به.
وقيل في معنى الموعدة التي كانت عليه في حسن الاستغفار قولان:
أحدهما - ان المواعدة كانت من أبي إبراهيم لإبراهيم أنه يؤمن إن استغفر له فاستغفر له لذلك وطلب له الغفران بشرط أن يؤمن " فلما تبين له " بعد ذلك " أنه عدو لله تبرأ منه ".
والثاني - أن الوعد كان من إبراهيم بالاستغفار ما دام يطمع في الايمان كما قال " إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ " (1) فاستغفر له على ما يصح ويجوز من شرائط الحكمة " فلما تبين له انه عدو لله " وآيس من ايمانه " تبرأ منه ". والذي عندي وهو الأقوى أن أباه أظهر له الايمان وصار إليه، وكان وعده أن يستغفر له إن آمن أظهر الايمان استغفر له، فأعلمه الله ان ما ظهر منه بخلاف ما يبطنه " فتبرأ منه " ويقوي ذلك قوله " واغفر لأبي إنه كان من الضالين " (2) اي فيما مضى، ويجوز أن يكون أظهر الكفر بعد ذلك فلما تبين ذلك تبرأ منه. فأما من قال: إن الوعد كان من إبراهيم فالسؤال باق لان لقائل أن يقول ولم وعد كافرا أن يستغفر له؟ فان قلنا: وعده بأن يستغفر له إن آمن كان الرجوع إلى الجواب الاخر.
والعداوة هي الابعاد من النصرة إلى اعداد العقوبة. والولاية التقريب من النصرة من غير فاصلة بالحياة والكرامة.
وقوله " إن إبراهيم لاواه حليم " قيل في معنى " أواه " ثمانية أقوال:
فقال ابن عباس في معنى (أواه) تواب. وقال ابن مسعود: معناه دعاء. وقال الحسن وقتادة: معناه رحيم. وقال مجاهد: معناه موقن. وقال كعب: معناه إذا

(1) سورة 60 الممتحنة آية 4 (2) سورة 26 الشعراء آية 86
(٣٠٩)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست