التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٢
كذلك يكون الفعل مبنيا له. ومن بنى الفعل للمفعول لم يبعد أن يكون في المعنى كالأول، لأنه إذا أسس بنيانه فتولى ذلك غيره بأمره كان كبنائه هو له. والأول أقوى لما قلناه. وقال أبو علي (الجرف) - بضم العين - هو الأصل، والاسكان تخفيف ومثله الشغل. والشغل. ومثله الطنب والطنب. والعنق والعنق، يجوز في جميعه التثقيل والتخفيف. وكلاهما حسن وقال أبو عبيدة " على شفا جرف هار " مثل، قال: لان ما يبنى على التقوى فهو أثبت أساسا من بناء يبنى على شفا جرف ويجوز أن تكون المعادلة وقعت بين البنائين، ويجوز أن تكون بين البناءين. فإذا عادلت بين البنائين كان المعنى المؤسس بنيانه متقنا خير أم المؤسس بنيانه غير متقن لان قوله " على شفا جرف " يدل على أن بانيه غير متق لله. ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف كأنه قال: أبناء من أسس بنيانه على تقوى خير أم بناء من أسس بنيانه على شفا جرف. والبنيان مصدر يراد به المبني، كما أن الخلق يراد به المخلوق إذا أردت ذلك، وضرب الأمير إذا أردت به المضروب. وكذلك نسج اليمن يراد به المنسوج، فإنما قلنا ذلك لأنه لا يجوز أن يراد به الحدث، لأنه إنما يؤسس المبني الذي هو عين. يبين ذلك قوله " على شفا جرف " والحدث لا يكون على شفا جرف. والجار في قوله " على تقوى " وفي قوله " على شفا جرف " في موضع نصب، والتقدير أفمن أسس بنيانه متقيا خير أم من أسس بنيانه معاقبا على بنيانه، وفاعل (انهار) البنيان، وتقديره انهار البنيان بالباني في نار جهنم، لأنه معصية وفعل لما كرهه الله من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين. ومن أمال " هار " فقد أحسن لما في الراء من التكرير فكأنك لفظت براءين مكسورتين وبحسب كثرة الكسرات تحسن الإمالة. ومن لم يمل فلان كثيرا من العرب لا يميلون هذه الالفات. وترك الإمالة هو الأصل. وأما ألف " هار " فمنقلبة عن الواو، لأنهم قالوا: تهور البناء إذا تساقط وتداعى، والانهيار والانهيال متقاربان في المعنى. والألف في قوله " أفمن " الف استفهام يراد بها - هاهنا - الانكار
(٣٠٢)
مفاتيح البحث: الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست