التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨
به المبالغة لا العدد المخصوص، ويجري ذلك مجرى قول القائل: لو قلت ألف مرة ما قبلت، والمراد بذلك إني لا أقبل منك، وكذلك الآية المراد بها نفي الغفران جملة. وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (والله لأزيدن على السبعين) خبر واحد لا يلتفت إليه، ولان في ذلك ان النبي صلى الله عليه وآله استغفر للكفار وذلك لا يجوز بالاجماع.
وقد روي أنه قال (لو علمت اني لو زدت على السبعين مرة لغفر لفعلت).
وكان سبب نزول هذه الآية ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا مات ميت صلى عليه واستغفر له، ولم يكن بمنزلة المنافقين بعد، فأعلمه الله تعالى ان في جملة من تصلي عليهم من هو منافق وإن استغفاره له لا ينفع قل ذلك أم كثر، ثم نهى الله نبيه أن يصلي على أحد منهم وأن يستغفر له حين عرفه إياهم بقوله " ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره " (1) الآية. وقوله " ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله " إشارة منه تعالى إلى أن ارتفاع الغفران إنما كان لأنهم كفروا بالله وجحدوا نعمه، وكفروا برسوله فجحدوا نبوته " والله لا يهدي القوم الفاسقين " فمعناه انه لا يهديهم إلى طريق الجنة والثواب. فأما الهداية إلى الايمان بالاقرار بالتوحيد لله والاعتراف بنبوة النبي صلى الله عليه وآله فقد هدى الله إليه كل مكلف متمكن من النظر والاستدلال، بأن نصب له على ذلك الدلالة وأوضحها له.
قوله تعالى:
فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون (82) آية.
اخبر الله تعالى بأن جماعة من المنافقين الذين خلفهم النبي صلى الله عليه وآله ولم يخرجهم

(1) سورة 9 التوبة آية 85.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست